لثلاثاء 2 جمادة الأول 1432

إمتاع الأسماع بشرح ما نظم البيقوني من الأنواع (القسم الأول)

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

تقديم

الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله تعالى

 

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد: فإني قد نظرت في كتاب "إمتاع الأسماع بشرح ما نظم البيقوني من الأنواع" نظرة سريعة ، فرأيت أن الأخ في الله طالب العلم الشريف أبا عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري ، قد نقل فيه نقولا عن العلماء في هذا الفن ، وعرف كل بحث بما قال العلماء الموثوقون من علماء الحديث ومصطلحه ، فجزاه الله تعالى كل خير ، ووفقه لما يحبه ويرضاه ، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ، كما نسأله تعالى أن يوفقنا للعمل بحديث رسول الله e ، وأن يجعلنا من الذين قال فيهم رسول الله e :" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

دمشق : 7 ربيع الآخر 1417 هـ 21 آب 1996 م

 

طالب العلم الشريف : عبد القادر الأرناؤوط

 

خادم السنة النبوية بدمشق

 

إمتاع الأسماع  بشرح ما نظم البيقوني من الأنواع (القسم الأول)


 

 مقدمة

 

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أمّا بعد:

 

   فهذا « إمتاع الأسماع بشرح ما نظم البيقوني من الأنواع »، بحث متواضع مختصر؛ جمعته منذ مدّة وقد أعدت النظر فيه فهذّبته وزدت عليه زيادات رأيتها مهمّة، والله المحمود أولا وآخرا أن وفّقني لإنجاز هذا البحث، وهو المسؤول أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعل صوابه في ميزان الحسنات وأن يتجاوز عما وقع لي فيه من الزلات.

 

سبب الاختيار

 

   وأصل هذا العمل دروس شرحت فيها الأنواع التي نظم البيقوني وقد اعتمدته لأسباب منها: أن المحبّذ عند أهل العصر أن يبتدئ الطالب بحفظ متن مختصر في العلم حتى يسهل عليه بعدُ الولوج في المطوّلات حتى قيل: "من حفظ المتون حاز الفنون"، وأن هذا العلم مباحثه كثيرة ومادته غزيرة، والتزام شرح متن أو شرح مباحثة يكون بمثابة التقييد للمدرس حتى لا يخرج عن مقصوده من الاختصار والاقتصار على أهمّ المباحث.

 

منهج البحث

 

   وقد سرت في شرحي للنظم المذكور على طريقة الأنواع والتقاسيم ، فنظمت المباحث في فصول ، ولا يخلو شرح المبحث أو النوع من عناوين تدلّ على ما تحتويه المادة، كل ذلك تسهيلا وزيادة للبيان وللوضوح، وهروبا عن الطريقة القديمة في شرح المتون.

 

   وجعلت لأكثر الفصول تمهيدا؛ أشرح فيه وجه الربط بين مباحثه، أو ألمح فيه إلى ذلك.

 
 

   وقد ميزت هذا الشرح عن غيره من الشروح بعدة ميزات:

 

-من حيث الترتيب : فقد غيرت ترتيب النظم على وفق ما اقتضاه التنويع والتقسيم ، وحيث أهمل الناظم نوعا ذكرته تماما للقسمة وتعميما للفائدة .

 

-من حيث المستوى : فإني جعلته وسطا فليس هو بنازل، ولا ذاك الذي يعجز عنه المبتدئ.

 

-من حيث المحتوى والترجيحات الواردة فيه: فقد ضربت عرض الحائط قول القائل:« علم الحديث نضج واحترق »، ووضعت نصب عيني بدله قول العلامة المعلمي رحمه الله تعالى :« القواعد المقررة في مصطلح الحديث منها ما يذكر فيه خلاف ولا يحقق فيه الحق تحقيقا واضحا، وكثيرا ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى ممارسة طويلة لكتب الحديث والرجال والعلل مع حسن الفهم وصلاح النية»([1]). فلم أتقيد بترجيحات عالم من العلماء دون غيره ، ولا بما ذهب إليه جمهور المصنفين في العلم، وإنما سعيت قدر الجهد للوصول إلى الحق في مسائل التقعيد، واخترت أحسن الألقاب والتعاريف في مسائل الاصطلاح ، والله تعالى المستعان وعليه التكلان .

 
 

وكتبه أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري

 

يوم 23 ربيع الآخر 1416 هـ الموافق لـ18 سبتمبر 1995م

 

الجزائر العاصمة

 

نشأة علم أصول  الحديث

 

 

 

    إن علم أصول الحديث (قواعد الحديث ومصطلحه) من العلوم المتأخرة الظهور، ذلك أنه لم يوجد إلا في مرحلة ثالثة من مراحل تطور علوم الحديث ، ولم تكتمل مباحثه إلا بعد أحقاب من الزمن.

 

أولا : الرواية والتدوين

 

وأول علوم الحديث وجودا هو علم الرواية والتدوين، فأما الرواية فكانت منتشرة منذ عهد الصحابة، وأما التدوين فكان فيه خلاف في الصدر الأول، ولكن سرعان ما زال الخلاف بعد ذلك، وأجمع المسلمون على تجويز ذلك وإباحته كما يقول ابن الصلاح([2]). قال الرامهرمزي:« وإنما كره الكتاب من كرهه من الصدر الأول لقرب العهد وتقارب الإسناد؛ لئلاّ يعتمده الكاتب فيهمله ويرغب عن حفظه والعمل به، فأمّا والوقت متباعد والإسناد غير متقارب والطرق مختلفة والنقلة متشابهون وآفة النسيان معترضة والوهم غير مأمون، فإن تقييد العلم أولى وأشفى»([3]). و قد دلّ على الجواز أحاديث كثيرة أصرحها حديث:« اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج من في إلاّ حقا»([4]). وكان من الصحابة من يكتب وكذا من بعدهم حتى بدأ التأليف والتصنيف في عهد عمر بن عبد العزيز([5]).

 

ثانيا : علم الرجال والعلل

 

   تزامنت كتابة الحديث وروايته بظهور علم آخر، وهو علم نقد الأحاديث ورواتها؛ وذلك منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم([6]) وكبار التابعين. إلا أن كلام هؤلاء قليل جدّا، ثمّ جاء بعد ذلك الأئمة؛ مالك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن المبارك، وكلام هؤلاء أكثر ممن تقدّمهم، وازداد ظهور هذا العلم في عهد يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وتلاميذهما أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومن في طبقتهم. وهذا النقد للحديث ورواته كان أيضا ينقل رواية تارة وكتابة تارة أخرى. و يعتبر علي بن المديني أوّل من صنّف في العلل؛ و ذكرت له أيضا تصانيف في الرجال، ثمّ توالت بعده التآليف وكثرت.

 

ثالثا : علم أصول الحديث (المصطلح والقواعد)

 

    وفي مرحلة ثالثة ظهر علم قواعد الحديث ومصطلحاته أو أصول الحديث الذي يقصد بالدراسة في الأزمنة المتأخرة ، وقد أدى إلى ظهوره أمور منها: أن هؤلاء الحفاظ النقاد قد استعملوا ألفاظا وعبارات يحتاج من جاء بعدهم إلى فهمها لحملها على وجهها ، وهذا ما يتضمنه جانب المصطلح. كما أنهم في حكمهم على الروايات وكذا الرواة قد اعتمدوا على قواعد يحتاج من جاء بعدهم إلى معرفتها أيضا ؛ وهذا ما يتضمنه جانب القواعد .

 

وأول كتاب مفرد جامع للأمور المذكورة أعني قواعد العلم ومصطلحه هو كتاب » معرفة علوم الحديث « للحاكم النيسابوري (ت405) وبعده كتاب »الكفاية في علوم الرواية « للخطيب البغدادي (ت463) ، وإن كان هناك من كتب قبلهما في ذلك ، كالشافعي(ت204) في » الرسالة « ومسلم (ت265) في » مقدمة الصحيح« والترمذي (ت275) في » العلل الصغير« ولكن كتاباتهم لم تكن مفردة ولا جامعة. ثم جمع بين الكتابين المذكورين وزاد عليهما الحافظ ابن الصلاح (ت643) في كتابه » معرفة أنواع علم الحديث« المشهور باسم » المقدمة « و»علوم الحديث«.

 

ثم اعتنى العلماء بهذا الكتاب وتقيدوا به فمنهم من نظمه ومنهم من اختصره ومنهم من شرح بعض ما أغلق من ألفاظه ومنهم من اعترض عليه …فمن أحسن المختصرات « الباعث الحثيث » للحافظ ابن كثير (ت774) ومن أوجزها وأنفعها « الموقظة » للحافظ الذهبي (ت748). ومن أحسن الشروح « الإفصاح بالنكت على ابن الصلاح» للحافظ ابن حجر (ت852)-لكنه لم يكمله-.

 

وخرج عن هذا التقيد الحافظ ابن رجب الحنبلي الذي شرح علل الترمذي ، فأفاد بكثير مما فات غيره من المصنفين. أما المتأخرون عن عصر الحافظ ابن حجر فأكثرهم عكف على النخبة المعتصرة من المقدمة شرحا لها وشرحا لشروحها أو نظما لها وشرحا للنظم ونظما للشرح ، وخرج عن التقيد بالنخبة البيقوني الذي وضع أرجوزة اعتنى بها كثير من المتأخرين إلى جانب اعتنائهم بالنخبة ، فهذا وصف موجز لنشأة العلم وأهم المصنفات فيه نسأل الله تعالى أن يكون وافيا بالمقصود.

 

 المنظومة البيقونية

 

للشيخ عمر بن محمد بن فتوح البيقوني

 
 

أبــدأُ بالحــمدِ مصلّيــا عــــلى            محمـــدٍ خـيـرِ نــبيٍ أُرسِــــــلا

 

و ذي من أقســام الحديث عِـدَّة           و كـــلّ واحــــدٍ أتــى و حــدَّه

 

أوّلها الصحيحُ و هو ما اتّصـــل            إسنـــاده و لـم يَشـُذَّ أو يُــعَـــل

 

يرويــه عــدل ضابـط عـن مثلـه           معـتمــد في ضبـطـــه و نــقـلـــه

 

و الحسن المعروف طرقا و غدت            رجــاله لا كالصحيـح اشتهـرت

 

و كلّ ما عن رتبة الحسن قصــر            فهو الضعيف و هو أقســاما كثر

 

و مــا أضيــف للنـبي الــمرفوع            و مــا بتـابـع هــــو ااـمقـطــوع

 

و المسنــد المتّصــل الإسنــاد من            راويــــه للمصطـفى و لـم يبـــن

 

و مــا بسمــع كـــل راو يتّصــل           إسنـاده للمـصطــفى فالـمتصـــل

 

مسلسل قل مــا على وصف أتى            مثل أمـا و الله أنبـأني الفـــتى

 

كـذاك قــد حـدّ‏ثنيــه قــــائمـا            و بعــد أن حـدّثنــي تبســـّمـــا

 

عـزيز مــروي اثنيــن أو ثلاثــة            مشهور مـروي فـوق مـا ثلاثـــة

 

معنعــن كعـن سعيـد عـن كــرم            و مبهــم مــا فيـه راو لـم يســم

 

و كـلّ مــا قلّت رجـــاله عــلا            و ضــدّه ذاك الــذي قـــد نـزلا

 

و مــا أضفته إلى الأصحاب مـن            قــول و فـعل فـهو موقوف زُكِـن

 

و مرســل منـه الصحابي سقــط            و قـل غريب مـا روى راو فقط

 

و كـلّ مــا لـم يتّصــل بحــــال           إسنـــاده منقطـــع الأوصــــال

 

و المعضل الســاقط منـــه اثنـان            و مـــا أتى مــدلسا نــوعــــان

 

الأوّل الإسقـــاط للشيـــــخ و أن           ينقـــل عمــن فوقــه بعن و أن

 

و الثاني لا يسقطه لكن يصـــف          أوصـافــه بمــا بـه لا ينعــرف

 

و مــا يخــالـف ثقـــة به المــلا           فالشــاذ و المقلـوب قسمـان تلا

 

إبــدال راو مـــا بـــراو قســـــم           و قلـــب إسنـــاد لمتــن قســم

 

و الفــــرد مــا قيـّدتـــه بثقـــة            أو جـمـع أو قصــر على رواية

 

و مـــا بعلّة غمـــوض أو خفـــا            معـــلّل عندهـــم قـــد عــرفـا

 

و ذو اختــلاف سنــد أو متـــن            مضطــرب عنــد أهيــل الفــن

 

و المدرجات في الحديث ما أتت            من بعض ألفاظ الــرواة اتصلت

 

و مـا روى كــلّ قرين عن أخــه           مدبّج فاعرفـــه حقـا و انتخــه

 

متفــق لفظــا و خطــــا متفـــق            و ضــده فيمــا ذكرنــا المفترق

 

مؤتـلــف مـتـفـق الخـط فـقـــط            و ضده مختلف فاخش الغلــط

 

والمنكــر الفـــرد بــه راو غــدا            تعديلـــه لا يحمــل التفــــردا

 

متـــروكــه مـا واحد بـه انفــرد           و أجــمعوا لضعفـــه فهو كــرد

 

و الكــذب المختلــــق المصنـــوع           علــى النبي فــذلـك المــوضـوع

 

و قــد أتت كالجوهــر المكنــون            سميتــها "منظــومة البيقـوني"

 

فـــوق الثــلاثين بأربـــع أتـت            أبياتها ثـم بخيـــــر ختمـت.

 
 
 
 

 

 

شرح مقدمة الناظم

 
 

أبدأ بـالحمد مصليـا على       محمد خيـر نبي أرسـلا

 

وذي من أقسام الحديث عدّة      وكـل واحـد أتى وحـدّه

 

 قوله "أبدأ بالحمد"

 

الحمد نقيض الذم وهو بمعنى الثناء الكامل، والله سبحانه مستحق الحمد أجمعه، وهو أعم من الشكر لأن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير إحسان، والشكر ثناء على المشكور عمّا أولى من إحسانه.

 

وقد قيل أيضا الشكر أعمّ من جهة أنه يكون باللسان والجوارح دون الحمد([7]).

 

ومن السنة البدء بالحمد حيث كان النبي r يبدأ خطبه بالحمد والثناء على الله عز وجل، وقد علّم أصحابه خطبة الحاجة التي أولها الحمد([8]).

 

قوله : "مصليا على محمد"

 

أي قائلا: صلى الله عليه وآله وسلّم، ومعنى صلاة الله على عبده ثناؤه عليه عند الملائكة كما قال أبو العالية وصحّحه غير واحد من أهل العلم([9]). وحديث "من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب" حديث ضعيف جدا ، لا يجوز اعتماده ولا ذكره إلا مع بيان حاله([10]).

 

قوله: "خير نبي أرسلا"

 

أي أن النبي e خير الأنبياء وأفضلهم تفضيلا مطلقا ([11])، لقوله e :« أنا سيد ولد آدم ولا فخر» ([12])، وأما التفضيل المقيد فقد ورد النهي عنه، في أحاديث منها قوله e « لا تخيروني على موسى »([13])، لإشعاره بتنقيص المفضول .

 

قوله:"و ذي من أقسام الحديث عدّة"

 

أي وهذه أنواع متعدّدة من علم الحديث ستأتي وتعاريفها. والحديث كل ما أُثر عن النبي r من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها، إلا أنه إذا أطلق انصرف إلى ما بعد البعثة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ([14]).

 

كما أنه قد يطلق على ما أضيف إلى غير النبي r لكن مقيّدا كقولهم: حديث عطاء أو حديث ابن عباس، ونحو ذلك([15]).

 

فائدة:

 

والسنة عند أهل الحديث : بمعنى الحديث إذا أطلق . وعند أهل اللغة هي الطريقة سواء كانت مذمومة أو محمودة . وعند أهل التوحيد : هي الطريقة المحمدية في المنهج والاعتقاد. وعند أهل الأصول : هي ما صدر عن النبي r غير القرآن مما يصلح أن يكون دليلا شرعيا. وعند أهل الفقه : هي ما يطلب فعله ولم يكن من باب الواجب، أي المستحبّ([16]).

 

الفصل الأول :

 

أنواع الحديث باعتبار القبول والرد

 

 ينبغي أن يعلم أن الغاية من دراسة هذا العلم هي معرفة المقبول من الحديث للعمل به والمردود لتركه. وقد قال السيوطي في ألفيّته :

 

علم الحديث ذو قوانين تُحد   يدرى بها أحوال متن وسند

 

فذاك الموضوع والمقصـود     أن يعرف المقبول والمردود

 

وإذا تقرّر ذلك فالحديث بهذا الاعتبار إمّا مقبول أو مردود، فالمردود هو الضعيف.

 

والمقبول إما أن يكون في أعلى مراتبه وهو الصحيح أو في أدناها : وهو الحسن.

 

 

 

المبحث الأول : الحديث الصحيح

التعريف المختار

 

الحديث الصحيح هو ما اتّصل سنده بنقل العدل التامّ الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير تعليل ولا شذوذ([17]).

 

"ما اتصل سنده ": السند هو سلسلة الرواة الناقلين للمتن، واتصال السند هو سماع كل راو لذلك الحديث من الذي فوقه.

 

"بنقل العدل": النقل: الرواية. والعدالة ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى (فعلا للطاعات واجتنابا للمعاصي) ([18]).

 

وفيه احتراز عن رواية المطعون في عدالتهم، ومن لم تعرف عدالتهم أصلا.

 

"التام الضبط ": والضبط جودة الحفظ، واشتراط تمام الضبط أو كماله فيه احتراز عمن خفّ ضبطه أو ضعف وكذا من لم يعرف ضبطه وهو المستور.

 

والضبط نوعان : ضبط صدر : وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يستحضره متى شاء.

 

وضبط كتاب : وهو صونه له عن تطرّق الخلل إليه من حيث سمعه إلى أن يؤدي منه ([19]).

 

"عن مثله ": أي تشترط العدالة والضبط التام في كل الرواة من مبتدأ السند إلى منتهاه.

 

"إلى منتهاه " والمنتهى قد يكون النبي e وقد يكون غيره من الصحابة والتابعين ([20]).

 

" من غير تعليل ": والتعليل إظهار قادح خفي في خبر ظاهره السلامة.

 

وتدرك العلة بتفرد الراوي ومخالفة غيره له؛ مع قرائن تنبّه العارف على وهم في الحديث ، والطريق إلى معرفة ذلك جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته وضبطهم وإتقانهم([21]).

 

" ولا شذوذ ": والشذوذ أن ينفرد الثقة بحديث وليس له أصل بمتابع، وينقدح في نفس الناقد أنه غلط .

 

وهذا المعنى أدقّ من المعلّ بكثير فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة كما قال الحافظ ابن حجر([22]).

 

شرح تعريف الناظم

 

أوّلـها الصحيـح و هو مـا اتّصل      إسـنـاده ولـم يشــذّ أو يـعـل

 

يرويـه عـدل ضـابط عن مثلـــه       مـعـتـمـد في ضبـطـه و نـقـلـه

 

نص الناظم على شروط الصحة الخمسة : الاتصال والعدالة والضبط ونفي الشذوذ والتعليل، وقوله معتمد في ضبطه ونقله إشارة إلى نوعي الضبط ، ضبط الصدر وضبط الكتاب ([23]). ويلاحظ عليه ما يلي :

 

-عدم التأكيد على تمام الضبط وفيه احتراز عن راوي الحديث الحسن.

 

-وعدم التنصيص على المنتهى ليشمل وصف الصحة ما روي عن الصحابة والتابعين.

 

-أنه عرف الشاذ بمخالفة الثقة لغيره فيلزمه أن يحذف هذا الشرط من التعريف، إذ مخالفات الثقات داخلة في معنى الحديث المعلول الذي سبق الاحتراز عنه، فذكر الشاذ على اصطلاحه في حد الصحيح يكون تكرارا مرغوبا عنه([24]).

 

وقد اشتمل نظم العربي بن يوسف الفاسي([25]) على جميع هذه المعاني إذ قال :

 

ثمّ الصحيح عندهم ما اتّصلا       بنقل عدل ضبطه قد كمـلا

 

إلى النهــاية بــلا تعليــــل       ولا شذوذ فاعـن بالتحصيل

 

فوائد متعلقة بمبحث الصحيح

 

1- يجمع قولهم عدل تام الضبط قولهم ثقة أو ما يفيد معناه([26]). ومن وثق من جهة ضبطه فإن ذلك متضمن لعدالته كقولهم متقن أو حجة.

 

2- لا يقبل حديث العدل المشهور بالعدالة إذا لم يكن حافظا للحديث ؛ كما هو حال كثير من الفقهاء والقراء. ولا يقبل حديث الحافظ المشهور بذلك إن لم يكن عدلا مأمونا؛ كما هو حال الواقدي وسليمان الشاذكوني.

 

3- قولهم : "أصحّ شيء في الباب" لا يعني الصحة فقد يكون حسنا أو أخفّ الأحاديث ضعفا.

 

4- إذا قيل: "إسناده صحيح "، فهو دون قولهم حديث صحيح لأنه لا ينفي الشذوذ والعلة. وإن صدرت من إمام معتمد جاز تقليده والعمل بالحديث لأن الأصل عدمهما.

 

5- قولهم:"رجاله ثقات" لا يعني أنه صحيح أيضا ؛فقد يكون منقطعا كما أن ذلك لا ينفي الشذوذ والعلة.

 

6- قولهم : "رجاله رجال الصحيح" أي رجال البخاري ومسلم، هو كسابقه وزيادة على ذلك، فإن رجال الصحيح ليسوا جميعا ثقات مطلقا بل فيهم المتكلم فيه ومن أخرج له متابعة.

 

7- أصحّ كتب الحديث على الإطلاق كتاب البخاري : "الجامع الصحيح" ثم كتاب مسلم "الجامع الصحيح" أيضا. ولم يستوعب الشيخان البخاري ومسلم كل الصحيح بل في غيرهما الشيء الكثير منه.

 

 أمثلة على الصحيح

المثال الأول :

 

حديث مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :

 

« فرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير من المسلمين ». ومن طريق مالك أخرجه أصحاب الكتب الستة([27]).

 

وهذا حديث صحيح رواته ثقات وهو متّصل وليس فيه علة.

 

لكن قال أحمد بن حنبل :«كنت أتهيّب حديث مالك» ([28])، لأنه انفرد بلفظ" من المسلمين". حتى وجد له متابعا، وقد تابعه الضحاك بن عثمان وعمر بن نافع وغيرهما، على هذه الزيادة([29]).

 

ملاحظة : قال البخاري:« إن أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر ». وهذا أصح الأقوال في أصح الأسانيد والله أعلم.

 

المثال الثاني :

 

حديث عوف بن أبي جميلة عن زرارة بن أبي أوفى حدثني عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :« يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام » ([30]).

 

عبد الله بن سلام صحابي لا يبحث عنه ، وزرارة قال فيه ابن حجر في التقريب: « ثقة عابد »، وقال في عوف: "ثقة رمي بالقدر والتشيع". فالرجال ثقات والسند متصل، وليس فيه علة ولا أنكره أحد من أئمة النقد؛ لذلك قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم : على شرط الشيخين، وهو كما قال.

 

ملاحظات :

 

1- على شرطهما: أي أن رجاله رجال البخاري ومسلم.

 

2- الحديث على شرطهما ولم يخرجاه، دليل على عدم استيعاب الصحيحين لكل الصحيح.

 

3- رغم أن عوفا قد رمي ببدعتين ؛ فإن الحافظ ابن حجر وثقه لكونه صادقا في الرواية حافظا لما يرويه.

 

 

 

المبحث الثاني : الحديث الحسن

 التعريف المختار

 

الذي جرى عليه المتأخرون واستقر عليه الاصطلاح أن الحديث الحسن هو ما توفرت فيه شروط الصحيح إلا تمام الضبط([31]).

 

ويقاربه في المعنى كلام ابن الجوزي إذ قال:« بأنه الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل »([32]).

 

وأما من قال : هو ما اتصل سنده بنقل عدل خفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة "([33]) فما أصاب لأن خفة الضبط لا تشترط في جميع رواة السند؛ بل يكفي أن يكون أحدهم كذلك حتى ينزل الحديث من الصحة إلى رتبة الحسن.

 

شرح تعريف الناظم

 

والحسن المعروف طرقا وغدت      رجاله لا كالصحيح اشتهرت.

 

وقد أخذه من تعريف الخطابي إذ قال :« هو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله ». وهو تعريف مستبهم كما قال ابن الصلاح([34]). فقوله " عرف مخرجه " بمعنى عرف طريقه اختلف في المراد به، فقيل : أراد إثبات الاتصال، وقيل أراد نفي الشذوذ والنكارة. وكذلك قوله " اشتهر رجاله " قد اختلف فيه ، فقيل المراد بهم المستورين، وقال ابن الصلاح : من قصر عن رتبة أهل الحفظ والإتقان.

 

وزاد الناظم عبارة " لا كالصحيح " وذلك لدفع اعتراضين :

 

الأول : أن الحديث الصحيح كذلك اشتهر رجاله بالعدالة والضبط.

 

الثاني : أن الحديث الضعيف كذلك ربما اشتهر رجاله بالضعف.

 

وخير منه قول العربي بن يوسف الفاسي في تعريف الحسن:

 

والحسن الذي الشروط استوفى     إلا كمال الضبط فهو خفَّا

 

 معنى الحديث الحسن عند المتقدمين

 

إنّ الحديث الحسن باعتباره قسما من أقسام الحديث من حيث القبول والردّ لم يكن معروفا عند المتقدمين الأوائل، وإنما كان الحديث عندهم إمّا صحيحا وإمّا ضعيفا، إلى أن جاء الخطابي فقال :« اعلموا أن الحديث عند أهله ثلاثة أقسام : حديث صحيح وحديث حسن وحديث سقيم ». قال العراقي :« لم أر من سبق الخطابي إلى تقسيمه المذكور ؛ وإن كان في كلام المتقدمين ذكر الحسن ؛ وهو موجود في كلام الشافعي والبخاري وجماعة، لكن الخطابي ينقل التقسيم عن أهل الحديث وهو إمام ثقة »([35]). إذا كان الأمر كذلك فما معنى الحسن في عبارات المتقدمين ؟

 

الجواب أن ذلك يختلف:

 

أ- فمنهم من كان يطلقه ويريد حسن الألفاظ والمتن، وهذا ينطبق على المقبول والمردود من الحديث. ومنه ما روي أنه قيل لشعبة : لأيّ شيء لا تروي عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وهو حسن الحديث؟ فقال:" من حسنها فررت ". قال السخاوي:« وكأنه أراد المعنى اللغوي»([36])

 

ب- ومنهم من كان يطلق الحسن ويريد التفرد والغرابة ؛ وهذا ينطبق على المقبول والمردود من الحديث، ومنه قول إبراهيم النخعي:« كانوا إذا اجتمعوا كرهوا أن يخرج الرجل حسان حديثه». عقّب السمعاني على ذلك بقوله:« أي الغرائب»([37]).

 

ج- أمّا الترمذي - الذي أكثر من وصف الأحاديث بذلك - فقد أبان عن اصطلاحه في آخر كتابه فقال:« كل حديث يروى ولا يكون في إسناده متهم بالكذب، ولا يكون شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حسن »([38]).

 

فاشترط العدالة، وعدم الشذوذ، وتعدّد الطرق أي الشواهد أو المتابعات، وهذا ينطبق على المقبول والمردود أيضا والله أعلم.

 

وإذا اتضح هذا تبين أنه لا إشكال في قول الترمذي « حسن صحيح ». فإنه مراده أن الحديث صحيح وقد روي من غير وجه، وإنما استشكل هذا القول من تقرر عنده أن الحسن أدنى رتبة من الصحيح وليس هذا اصطلاح الترمذي .

 
حكم الحديث الحسن
 

الحسن على اصطلاح المتأخرين حجّة كالصحيح عندهم. ويبقى البحث عند المتقدمين، هل كانوا يحتجون جميعا برواية من خفّ ضبطه([39]). والحسن إذا تعدّدت طرقه يرتقي إلى مرتبة الصحيح ويسمّى الصحيح لغيره. كما أنّ الضعيف منه ما يرتقي إلى الحسن ويسمّى الحسن لغيره وذلك بتعدّد الطرق أيضا.

 

مراتب المتابعة ([40]):

 

المتابعة إن حصلت للراوي نفسه في شيخه فهي متابعة تامّة، وإن حصلت لشيخه فما فوق فهي متابعة قاصرة، وإن وجد متن يروى من حديث صحابي آخر يشبهه في اللفظ أو المعنى فهو الشاهد.

 

والبحث عن الشواهد والمتابعات يسمى اعتبارا .

 

فائدة : من ألفاظ المحدثين الدالة على قبول الحديث لفظ "الجيد" و"القوي"، فقيل هي والصحيح سواء ، وقيل : إنما يطلقها المحدث حين يتردد في التصحيح مع أن الحديث عنده مقبول ([41]).

 

مثال عن الحديث الحسن

 

 

 

حديث عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو : أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :« لا يحلّ لرجل أن يفرّق بين اثنين إلاّ بإذنهما »([42]).

 

فهذا سند متّصل على الصحيح من أقوال أهل العلم، وليس له علّة ولم يقدح فيه أحد بالشذوذ. وقال ابن حجر في التقريب في كلّ من عمرو بن شعيب وأبيه : «صدوق ».

 

فالسند حسن، وهذا أحسن ما يمثّل به للحسن لذاته إن كان الراوي عن عمرو ثقة أو صدوقا والله أعلم([43]).

 

 

 

المبحث الثالث : الحديث الضعيف

 التعريف المختار

 

أحسن عبارة في تعريفه قول الحافظ ابن حجر:« كلّ حديث لم تجتمع فيه صفات القبول»([44]).

 

ويمكن تقسيمه حسب اختلال هذه الصفات على النحو التالي :

 

1- الطعن في الاتصال : بالانقطاع سواء كان ظاهرا أو خفيا أو محتملا

 

2- الطعن في العدالة : بتكذيب الراوي  أو تفسيقه أو بكونه مجهولا لا نعرف عينه أو عدالته .

 

3- الطعن في الضبط : بوصف الراوي بكثرة الغلط أو فحشه وغلبته عليه أو بأن يكون مجهول الضبط .

 

4- إثبات العلّة القادحة في المتن أو السند : وذلك بجمع الطرق كما سبق .

 

5- إثبات الشذوذ : ويكون بنصّ إمام حافظ ناقد أو بإبداء القرائن الدالة على ذلك.

 

شرح تعريف الناظم

 

و كلّ ما عن رتبة الحسن قصــر       فهو الضعيف و هو أقســامًا كَثر

 

المعنى كل ما انحط عن رتبة الحسن وهي أدنى مراتب القبول فهو الحديث الضعيف، وقوله :« وهو أقساما كثر » يعني أن الألقاب والأنواع المندرجة تحته كثيرة ، إذ أكثر الألقاب الآتي ذكرها في النظم متعلقة بأنواعه . والتعبير هنا بالأنواع أولى من التعبير بالأقسام، لأن التقسيم لابد فيه من اعتبار معين كما قسمناه أعلاه مثلا .

 

تقوية الحديث الضعيف

 

قولهم : هذا ضعيف الإسـناد لا يعني ضعف الحديث دائما، فقد يكـون للحديث أسـانيد أخرى يتقوى بها ويرتقي إلى الحسن لغيره([45]).

 

وليست الأحاديث الضعيفة كلها صالحة للتقوية بالمتابعة والطرق ، بل الحديث الضعيف قسمان ؛ قسم ضعيف خفيف الضعف يوصف باللين والضعيف ، يعتبر به ويصلح للتقوية، وقسم ضعيف شديد الضعف يوصف بالمتروك والمنكر لا يعتبر به ولا يصلح للتقوية بحال .

 

فمما يقبل التقوية بعض المنقطعات، ورواية من وصف بالوهم والخطأ، ومن جهل ضبطه. ومما لا يقبل التقوية غالب المنقطعات، ورواية من طعن في عدالته أو جهلت، ومن غلب عليه الوهم.

 

وأمّا الحديث الذي يتتابع على روايته الكذّابون والمجهولون والمغفّلون فيزداد وهنا على وهن ولا يتقوى مهما كثرت المتابعات([46]).

 

 

 

حكم العمل بالحديث الضعيف

 

اختلف الناس في العمل بالحديث الضعيف على أقوال ([47])، الذي اشتهر منها عند كثير من المتأخّرين قبوله في المواعظ والفضائل بشروط ثلاثة([48]) :

 

الأول : أن يخفّ ضعفه فلا يكون شديدا.

 

الثاني : أن يندرج تحت أصل معمول به بأن لا يتضمّن تشريع عبادة جديدة.

 

الثالث : أن لا يعتقد ثبوته عند العمل به بل يعتقد الاحتياط. 

والراجح -والله أعلم- أنه لا يحتج به مطلقا، ولا فرق بين الأحكام والفضائل فإن الكل دين لا يثبت إلا بالكتاب والسنة الصحيحة وفروعهما ، ثم إن الشروط المذكورة نظرية لا يكاد يلتزم بها، ودين الله تعالى كامل ومحفوظ ولا يحتاج إلى تكميل بما ليس منه.

 

وأما ما نقل عن الإمام أحمد وعبد الرحمن بن مهدي أنّهما قالا :« إذا روينا في الحلال والحرام شدّدنا، وإذا روينا في الفضائل سهّلنا » فليس المراد به الاحتجاج بالضعيف ألبتة، إذ ثمّة فرق بين الرواية والعمل فتساهلهم في الرواية لا يعني ولا يستلزم العمل به بوجه من الوجوه، ومصلحة ذلك ظاهرة والله أعلم([49]).

 

مظان الحديث الضعيف

 

الحديث الضعيف موجود في السنن والمسانيد التي لم يلتزم فيها أصحابها الصحة، بل هو موجود حتى في الكتب التي التزم فيها أصحابها الصحة.

 

ولكن ثمة بعض المراجع تعتبر من مظان الضعيف ، وقد نبه عليها العلماء ، فقالوا: كل حديث ينفرد به ابن عساكر في تاريخ دمشق أو ابن الديلمي في مسند الفردوس ، والعلة في ذلك نزول أسانيد أصحابها ([50])، وكذا غالب ما يتفرّد به أصحاب الأجزاء والفوائد والمشيخات، وذلك لاقتفائهم الغرائب([51])، وأيضا ما ينفرد به أصحاب كتب الجرح والتعديل، لأنّهم يذكرون عادة منكرات الرواة المتكلّم فيهم([52]).

 

كيف يعرف حال الراوي

 

من الرواة ما يعرف حاله بالشهرة والاستفاضة فلا يسأل عنه، كمالك وأحمد ونحوهما ، ومنهم من يعرف حاله بالاختبار حيث يجمع الناقد حديثه ويقابله بحديث غيره من الثقات ، فإن كان خطؤه نادرا وثقه وصحح حديثه إلا ذاك النادر، ومن زاد خطؤه على ذاك الحد قليلا صدَّقه، وهذا يحسن حديثه إلا تلك الأخطاء، ومن كثر خطؤه ضعفه ولم يقبل من حديثه إلا ما وافقه عليه غيره ، ومن فحش خطؤه تركه ولم يقبل حديثه بحال.

 

أما الكذب فمن جرب عليه مرة واحدة ترك حديثه وإن كان أحفظ الناس وأكثرهم حديثا .

 

 

 

أمثلة الحديث الضعيف

 

 

 

المثال الأوّل :

 

حديث عثمان بن عبد الرحمن الجُمحي عن محمد بن زياد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا:» أفشوا السلام وأطعموا الطعام واضربوا الهام تورثوا الجنان «([53]).

 

وعثمان هذا جهّله البخاري، وعرفه أبو حاتم فقال: يكتب حديثه ولا يحتجّ به. فهذا الحديث ضعيف لتفرّد عثمان به. ولا يقال إنّ حديث ابن سلام المذكور في أمثلة الصحيح يشهد له لأنّ عثمان هذا زاد لفظة " اضربوا الهام ".

 

ملاحظات :

 

1-ليس كلّ حديث يشبه الآخر في المتن يشهد له ويقوّيه، فلا بد من التأني والتدقيق في الألفاظ قبل إصدار الحكم.

 

2-وقد قال الترمذي :» هذا حديث حسن صحيح غريب ». وهذا الحديث مثال على كون الترمذي يتساهل في التصحيح([54]). ولا يجوز أن يقال إنّ الترمذي يتساهل في التحسين بعد فهم اصطلاحه.

 

 المثال الثاني :

 

حديث دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا :«أكثروا من ذكر الله حتى يقال مجنون ». أخرجه أحمد في مسنده، وقال الحاكم : صحيح الإسناد([55])، وهذا الحديث ضعيف لأجل دراج هذا، قال فيه أحمد : أحاديثه مناكير.

 

ملاحظات:

 

1) هذا مثال على تساهل الحاكم في مستدركه([56])، فقد استدرك حديثا ضعيفا ، بل هو ضعيف جدّا.

 

2) الإمام أحمد ضعف دراجا وأخرج أحاديثه في المسند، فدلّ على عدم اشتراطه الصحة في كتابه ([57]).

 

 المثال الثالث :

 

حديث موسى بن محمد بن عطاء ثنا أبو المليح ثنا ميمون عن ابن عباس مرفوعا :» الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن ومن شئن أخرجن «([58]). وهذا الحديث موضوع بهذا السند، موسى كذّبه أبو حاتم.

 

وله شاهد ؛ رواه علي بن إبراهيم الواسطي ثنا منصور بن المهاجر عن أبي النضر الأبار عن أنس مرفوعا :» الجنة تحت أقدام الأمهات«([59]). قال ابن طاهر :» منصور وأبو النضر لا يعرفان، والحديث منكر «.

 

والخبر بالسندين ساقط واه لا يجوز التحديث به إلاّ مع بيان حاله.

 

ويغني عنه حديث آخر في الباب : وهو حديث معاوية بن جاهمة السّلمي : أن جاهمة جاء إلى النبي e فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو ، وقد جئت أستشيرك. فقال : هل لك من أم ؟ قال : نعم ، قال : فالزمها فإن الجنة تحت رجليها ([60]). صحّحه الحاكم، وقال المنذري : إسناده جيد ([61]).

 

ملاحظات :

 

1- قولهم ثنا اختصار حدّثنا، وكذا أنا اختصار أخبرنا وأنبأنا

 

2- الأحاديث الواهية (الشديدة الضعف) لا يقوي بعضها بعضا.

 

3- في الثابت غنية عمّا لم يثبت.

 

المثال الرابع : عن الحسن لغيره

 

حديث مسلم بن خالد الزنجي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنّ رجلا ابتاع غلاما، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثمّ وجد فيه عيبا فخاصمه إلى النبي e فرد عليه فقال الرجل :« يا رسول الله استغلّ غلامي !» قال e: « الخراج بالضمان »([62]).

 

وهذا سند ضعيف لضعف الزنجي، لكنّه توبع.

 

المتابعة الأولى : عمر بن علي المقدمي عن هشام به وهذه متابعة تامة([63])لكنها غير صالحة لأن المقدمي مدلّس وقد عنعن، وقد استنكر روايته البخاري .

 

المتابعة الثانية : رواية مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة مرفوعا : الخراج بالضمان ([64]).

 

ومخلد هذا قال فيه البخاري : فيه نظر، ونظر ابن حبان أنه ثقة، وقال ابن حجر في التقريب : مقبول - أي في المتابعة وإلاّ فليّن- وقد توبع على هذا الحديث.

 

والخلاصة : أنّ الجزء المرفوع حسن لغيره بمجموع الطريق الأولى والأخيرة دون سبب الورود الذي انفرد به الزنجي([65]).

 

 

 

الفصل الثاني :

 
 

أنواع الحديث باعتبار المنتهى

 

  السند إمّا أن ينتهي إلى النبي r أو إلى الصحابي رضي الله عنه أو إلى من دونه من التابعين أو غيرهم ، فالأول : المرفوع، والثاني : الموقوف، والثالث : المقطوع.

 

وقد نظمها البيقوني مفرقة وجمعها أولى .

 

 

 

المبحث الأول : الحديث المرفوع

 

التعريف المختار

 

الحديث المرفوع هو ما أضيف للنبي r من قول أو فعل أو تقرير سواء كان متصلا أو منقطعا([66]).

 

ولا يشترط أن يضيفه الصحابي إلى النبي e كما أوهمه كلام الخطيب البغدادي إذ قال :« المرفوع ما أخبر فيه الصحابي من قول رسول الله r أو فعله»([67]). فالمرسل الذي رفعه التابعي إلى النبي e كذلك يسمى مرفوعا ، وهذا اصطلاح الجمهور ([68]).

 

بل قال السخاوي :« سواء أضافه إليه صحابي أو تابعي أو من بعدهم حتى يدخل قول المصنفين ولو تأخّروا : قال رسول الله e  »([69]).

 

تنبيه:

 

قد يؤيّد ما ذكره الخطيب قول بعض المتقدمين من المحدّثين رفعه فلان وأرسله فلان، على سبيل المقابلة فإنّه يقتضي المغايرة([70])، كما قال أبو داود في حديث عائشة رضي الله عنها " أنّ النبي r كان يقبل الهدية ويثيب عليها " :« تفرّد برفعه عيسى بن يونس وهو عند الناس مرسل»([71]).

 

وأجاب عن هذا ابن الصلاح:« ومن جعل من أهل الحديث المرفوع في مقابلة المرسل فقد عنى بالمرفوع المتّصل »([72]) .

 

أقسام الرفع :

 

ينقسم الحديث المرفوع إلى قسمين : المرفوع الصريح والمرفوع غير الصريح (الحكمي)، فأمّا المرفوع الصريح فهو الذي ينطبق عليه التعريف السابق، ويلحق به قول الراوي عن الصحابي يرفع الحديث، يبلغ به، رواية، ينميه، وغير ذلك([73]).

 

وأما المرفوع غير الصريح فنحو:

 

قول الصحابي: أمرنا ونهينا. وقوله : من السنة كذا، وقوله : كنا نفعل وكنّا نقول، ونقله أخبار الغيب ومسائل الاعتقاد([74])، وكذا حكايته لأسباب النزول ([75]).

 

 شرح تعريف الناظم

 

ومـا أضيـف للـنـبي الـمرفـوع      ومـا لتـابـع هـو المـقـطـوع

 

عرف الناظم المرفوع بما أضيف للنبي e من غير اشتراط أي قيد ، وهذا كاف في التعريف ، وما ذكرناه في التعريف المختار هو زيادة في التوضيح أعني قولنا سواء كان متصلا أو منقطعا، وبيان لاختيار مخالف لاصطلاح الخطيب رحمه الله تعالى.

 

أمثلة الحديث المرفوع

المثال الأول :

 

حديث زهير بن حرب عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به، ورواه عمرو الناقد عن سفيان بن عيينة به عن أبي هريرة رواية: «الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم»([76]).

 

المثال الثاني :

 

حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: «أحلّت لنا ميتتان ودمان، فأمّا الميتتان فالحوت والجراد، وأمّا الدمان فالكبد والطحال»([77]). وعبد الرحمن ضعيف جدّا، وتابعه أخواه عبد الله وأسامة.

 

قال ابن عديّ :« إنّ رفعه يدور على الإخوة الثلاثة، أمّا ابن وهب فإنّه يرويه عن سليمان بن بلال -أي عن زيد- موقوفا »([78]). والثلاثة كلّهم ضعاف. وصحّح أبو زرعة الوقف([79]). و قال البيهقي-بعد إخراجه من طريق ابن وهب موقوفا-: «هذا إسناد صحيح وهو في معنى المسند»-يعني أن له حكم الرفع-

 

المثال الثالث :

 

حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان آخر قول إبراهيم -عليه السلام- قال حين ألقي في النار:« حسبي الله ونعم الوكيل»([80]). و هذا حديث صحيح موقوفا لكن له حكم الرفع لأنّه لا يقال من قبل الرأي.

 

 

 

المبحث الثاني : الحديث الموقوف

التعريف المختار

 

هو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم أو أفعالهم سواء كان متصلا أو منقطعا([81]).

 

فلا يشترط الاتصال في الموقوف خلافا لظاهر كلام الحاكم، قال ابن حجر: وهو شرط لم يوافقه عليه أحد والله أعلم([82]). ولا يدخل في الموقوف التقرير لأنّ تقرير الصحابي لا ينسب إليه دائما بخلاف تقرير النبي r ([83]).

 

وقد يستعمل الموقوف في حديث غير الصحابي لكن مقيّدا، فيقال موقوف على عطاء أو طاوس أو نحو هذا([84]).

 

شرح تعريف الناظم

 

وما أضفته إلى الأصحاب مــن       قـول أو فـعل فموقوف زكن

 

وتعريف الناظم موافق لما ذكرنا، من اعتبار الغالب في استعماله حيث خصصه بالمضاف إلى أصحاب النبي e ، ومن تخصيصه بالأقوال والأفعال ، وكذلك من جهة عدم اشتراط الاتصال ، وقوله :« فموقوف زكن » معناه « فموقوف عُلِم».

 

فائدة في بيان الخبر والأثر

 

قال أبو القاسم الفوراني الشافعي الخراساني :« الفقهاء يقولون : الخبر ما يروى عن النبي r، والأثر ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم »([85]). وقال النووي : «وعند المحدّثين كلّ هذا يسمّى أثرا ». فيفهم أنّ الفقهاء يخصّصون والمحدّثين يعمّمون في اصطلاح الأثر ولا يفرقون، لكن قال ابن كثير عن الموقوف:« وهذا ما يسمّيه كثير من الفقهاء والمحدّثين أيضا أثرا» ([86])-و هذا أصوب-. فممّن خصّص : أبو بكر بن أبي شيبة (ت235)  إذ سمّى كتابه :"الكتاب المصنّف في الأحاديث والآثار". وأبو بكر البيهقي (ت458) في تسمية كتابه:"معرفة السنن والآثار عن الشافعي". وممّن عمّم : أبو جعفر الطبري (ت310)  إذ سمّى كتابه:" تهذيب الآثار"- في الأحاديث المرفوعة -، وأبو جعفر الطحاوي  (ت321) في تسمية كتابه  "شرح معاني الآثار" - في المرفوع والموقوف -

 

مثال الحديث الموقوف

 

حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنّه كان إذا تيمّم: ضرب بيده على التراب، ثمّ مسح وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، ثمّ مسح بهما يديه إلى المرفقين، ولا ينفض يديه من التراب»([87]).

 

وهذا موقوف صحيح، وقد خالف السنة في ثلاثة مواضع: حدّ الأيدي وعدد الضربات وإيصال التراب إلى الوجه، والحجة في حديث عمار المرفوع : « إنما كان يكفيك أن تفعل هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه » متفق عليه واللفظ لمسلم ، وفي رواية للبخاري: « وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح وجهه وكفيه » ([88]).

 

ملاحظة : لا يلزم من صحة الخبر الموقوف أن يكون حجة ، وإنما يحتج به إذا لم يخالف المرفوع ولم يخالفه خبر موقوف آخر .

 

المبحث الثالث : الحديث المقطوع

 

 

 

التعريف المختار

 

قال ابن الصلاح -تبعا للخطيب-:« هو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم » ، وزاد الحافظ ابن حجر في الحد: ما جاء عمّن دون التابعين([89]).

 

وعبر أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي عن هذا المعنى بلقب آخر فقال :« المنقطع قول التابعي»، وهو خلاف المشهور ([90]).

 

شرح تعريف الناظم

 

ومـا أضيـف للـنـبي الـمرفـوع      ومـا لتـابـع هـو المـقـطـوع

 

وهذا التعريف على ما ذكره الخطيب وابن الصلاح لا انتقاد عليه ، إلا أنه في كلامهما زيادة توضيح بذكر أقوال التابعين وأفعالهم، وكان يمكن أن يزاد عليهما عدم اشتراط الاتصال فيقال كما قيل في المرفوع والموقوف :« سواء كان متصلا أو منقطعا » وليس ذلك بلازم ، أما على ما ذكره ابن حجر فإن هذا التعريف يكون ناقصا غير جامع للمعاني التي يشملها المقطوع عنده ، لكن البيقوني رحمه الله فيما يظهر لم يتبع الاصطلاحات التي اختار ابن حجر في النخبة.

 

اعتراض وجوابه

 

قيل :« إدخال المقطوع في أنواع الحديث فيه تسامح كبير فإنّ أقوال التابعين ومذاهبهم لا دخل لها في الحديث فكيف تعدّ نوعا منه »([91]).

 

والجواب: أنه كما أنّ الموقوف قد يكون له حكم الرفع فكذلك المقطوع قد يكون له حكم المرسل([92])، ومن الجواب أيضا أنه أدخل في أنواع علم الحديث لأنّ أهل الحديث قد كتبوه وكتابة الموقوف والمقطوع مهمّة؛ إذ قد يروى حديث مرفوع ظاهره السلامة فيبين أن الصواب فيه الوقف أو القطع([93])، وكذلك لما فيها من بيان معاني المرفوعات والألفاظ المبهمة في متون الحديث([94])، ولمعرفة أقوال السلف في المسائل حتى لا يخرج عن أقوالهم ولا يخالف محلّ إجماعهم([95]).

 

أمثلة الحديث المقطوع

 

1-عن شهر بن حوشب قال :« قال لقمان لابنه : أي بنيّ لا تعلّم العلم تباهي به العلماء وتماري به السفهاء أو ترائي به في المجالس»([96])، هذا له حكم الإرسال.

 

2-عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه كان يمسح أذنيه ويقول :» الأذنان من الرأس «([97]).

 

تنبيه مهمّ:

 

عدّ بدر الدين ابن جماعة الموقوف والمقطوع من أقسام الضعيف، فتبعه على ذلك الطيبي ثمّ القاسمي ولم يصيبوا في ذلك([98])، إذ كلّ من الموقوف والمقطوع وكذا المرفوع ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف، وإن كان مرادهم أن الموقوف والمقطوع ليس حجة؛ فإنّه لا يلزم من ذلك تضعيف إسناده.

 

 

 

الفصل الثالث:

 

أنواع الحديث باعتبار الاتصال والرفع

 

 

 

الحديث:

  • إذا تحقق فيه الرفع ولم يراع فيه الاتصال فهو المرفوع

·  و إذا تحقق فيه الاتصال ولم يراع فيه الرفع فهو المتصل

 

·  و إذا تحقق فيه الــرفع وراعـينا فيه الاتصال فهو المسند

 

فأمّا المرفوع فسبق شرحه ، لذلك نقتصر في هذا الفصل على شرح المتصل والمسند.

 

 

 

المبحث الأول : الحديث المتصل

 

 

 

التعريف المختار

 

قال ابن الصلاح:« هو الذي اتصل إسناده فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه حتى ينتهي إلى منتهاه »([99]).

 

ويقال له الموصول أيضا.

 

وهو شامل للأنواع الثلاثة المرفوع والموقوف والمقطوع، إلا أن مطلقه لا يطلق إلا على المرفوع والموقوف دون المقطوع([100]). وعلّل السخاوي ذلك بالتنافر الذي بين لفظ القطع والوصل([101])، أما إطلاقه مع التقييد فجائز وواقع في كلام المحدّثين، كقولهم متّصل إلى سعيد بن المسيّب أو إلى الزهري أو مالك([102]).

 

ونظم هذا المعنى العراقي فقال:

 

وإن تـصل بسنـد مـنقولا   فـسمـّه متّـصلا مـوصـولا

 

سواء الموقــوف والمرفــوع    ولم يرو أن يدخل المقطوع

 

شرح تعريف الناظم

 

وما بسمع كل راو يتّصل      إسناده للمصطفى فالمتصل

 

فقيّده بـ "المصطفى" وفي ذلك اشتراط للرفع فيه، وهذا ما لم أجده في شيء من كتب المصطلح التي بين يدي، إلا أني وجدت الفاسي قبله قد وقع في التقييد نفسه إذ قال:      وذا وما رفع حيث وصلا       فسمّه موصولا أو متصلا

 

فلا أدري ما وجه هذا الشرط، ولا ما وجه هذا الاتفاق بينهما، وهو وهم وخطأ تواطآ عليه والله أعلم، ولذلك فقد استدرك بعضهم على الناظم فقال :

 

وما بسمع كل راو يتصل       إسناده للمنتهى فالمتصل([103]).

 

 

 

أمثلة الحديث المتصل

 

المثال الأول:

 

حديث عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار قال قال إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك قال جاءت أم سليم وهي جدّة إسحاق إلى رسول الله e فقالت له :يا رسول الله المرأة ترى مثل ما يرى الرجل في المنام... فقال e  : «إذا وجدت الماء فلتغتسل»([104]).

 

وخالفه الأوزاعي فرواه عن إسحاق عن جدته أم سليم من غير ذكر لأنس.

 

قال أبو حاتم:« إسحاق عن جدته أم سليم مرسل...و هو أشبه من الموصول »([105]).

 
المثال الثاني:
 

حديث حماد بن زيد عن أيوب عن أبي نعامة عن أبي نضرة :« أن النبيe صلى في نعليه ثم خلع نعليه فخلع الناس ». هذا مرسل، وقد خالف أيوبَ حمادُ بن سلمة وحجاجٌ الأحول عن أبي نعامة فوصلا الحديث بذكر أبي سعيد الخدري([106]).

 

قال أبو حاتم:« والمتصل أشبه لأنّه اتفق اثنان على أبي نضرة عن أبي سعيد »([107]).

 

 

 

المبحث الثاني : الحديث المسند

 

 

 

التعريف المختار

 

قال الحاكم:« المسند من الحديث أن يرويه المحدّث عن شيخ يظهر سماعه منه لسنّ يحتمله، وكذلك سماع شيخه من شيخه إلى أن يصل الإسناد إلى صحابي مشهور عن رسول الله e »([108]).

 

وأيّده ابن حجر فقال:« والذي يظهر بالاستقراء من كلام أئمّة الحديث أن المسند عندهم ما أضافه من سمع النبي e بسند ظاهره الاتصال»([109]).

 

اصطلاحات أخرى:

 

قال ابن عبد البرّ:« إن المسند ما رفع إلى النبي e خاصة »([110]). وقال الخطيب: «ووصفهم للحديث بأنه مسند يريدون أن إسناده متصل بين راويه وبين من أسند عنه، إلا أنّ أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أسند عن النبي e».([111])

 

فالمسند والمرفوع عند ابن عبد البر سيان، والمسند والمتصل عند الخطيب شيء واحد، والاختيار التفريق بين هذه الثلاثة على النحو الذي ذكرناه في التمهيد.

 

شرح تعريف الناظم

 

والمسند المتصل الإسناد من    راويه حتى المصطفى ولم يبن

 

وتعريف الناظم جار على الاصطلاح المختار ، لكنه ليس دقيقا من الناحية اللفظية لأن المشترط فيه هو ظهور الاتصال لا تيقّنه، ومثل هذه التدقيقات ربما يعسر ضبطها في مثل هذا المختصر المنظوم .

 

 

 

أمثلة الحديث المسند

 

 

 
المثال الأول : إطلاق المسند في مقابل الموقوف
 

حديث عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس t :« أن النبي e كان له خرقة يتمسّح بها». ورواه بعضهم عن عبد العزيز:« أنه كان لأنس خرقة». قال أبو حاتم: والموقوف أشبه ولا يحتمل أن يكون مسندا([112]).

 
المثال الثاني : إطلاق المسند في مقابل المرسل
 

حديث يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة t أن النبي e قال لأبي بكر:« مررت بك وأنت تقرأ تخفض من صوتك. فقال: إني أسمعت من ناجيت، فقال: ارفع قليلا. و قال لعمر: مررت بك وأنت تقرأ ترفع من صوتك، قال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، فقال: اخفض قليلا ».

 

قال الترمذي:« حديث غريب إنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة. وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلا »([113]).

 

فائدة :

 

المسنِد -بكسر النون-هو الذي يروي الحديث بإسناده، والمحدث والحافظ أخص منه، قال ابن سيّد الناس:«من اشتغل بالحديث رواية ودراية واطّلع على كثير من الرواة والروايات فهو المحدّث، فإن توسّع حتى عرف شيوخه وشيوخ شيوخه طبقة طبقة حتى كان ما يعرفه أكثرممّا يجهله فهو الحافظ»([114]). وفي زماننا هذا؛ المحدّث من عرف بالاشتغال بالحديث تفقها في معانيه ونقدا لأسانيده وإن لم يكن مسندًا.

 

 

 

الفصل الرابع

 

أنواع الحديث باعتبار عدد الطرق

 

 

 

الحديث المروي بالإسناد وهو المسمى بخبر الآحاد، إما أن تكون له طريق واحدة وهو الغريب ، أو طريقان أو ثلاثة وهو العزيز ، أو أكثر من ذلك وهو المشهور، وقد فرقها الناظم فجمعتها في هذا الفصل ، والجمع أولى من التفريق :

 

 

 

المبحث الأول : الحديث الغريب

 

 

 

التعريف المختار

 

الحديث الغريب هو الذي تفرّد به راو واحد([115])، وذلك في أي طبقة من طبقات السند، وغالبا ما يطلق على ما تفرد به من دون الصحابي.

 

وهذا التفرد نوعان : الأول تفرد الراوي بأصل الحديث فلا يعرف إلا من جهته، وهذا يسمى بالغريب المطلق. والثاني تفرّده بطريق من طرق الحديث فيكون المتن معروفا من جهة أخرى، وهذا يسمّى بالغريب النسبي.

 

شرح تعريف الناظم

 

(و مرسل منه الصحابي سقط)     و قل غريب ما روى راو فقط

 

وهذا التعريف موافق للتعريف المختار الذي ذكرنا، وجار مجراه ولا انتقاد عليه، إلا أنه يمكن أن يقال كان الواجب أن يفصل أنواعه ولو إشارة كما فعل في حد الحديث الفرد ، وذلك ليس بلازم والله أعلم .

 

أمثلة الحديث الغريب

 

المثال الأول : الغريب المطلق

 

حديث علي بن الحسن بن شقيق أخبرني الحسين بن واقد ثنا مروان بن سالم المقنع عن ابن عمر أن النبي e كان إذا أفطر قال:« ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ».

 

فهذا الحديث لا يعرف إلا بهذا السند والله تعالى أعلم، وهو إسناد حسن([116]).

 

 

 

المثال الثاني : الغريب النسبي

 

حديث أبي كريب عن أبي أسامة عن يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبي موسى t أن النبي e قال:« المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء».

 

فهذا المتن لم يسنده عن أبي موسى رضي الله عنه إلا أبو كريب بهذا السند، لكنه محفوظ من أوجه أخرى رويت عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر رضي الله عنهم([117]).

 

تنبيهات:

 

1- إذا قيل في الحديث تفرّد به فلان عن فلان، يحتمل أن يقصد به التفرد المطلق كما يحتمل التفرد النسبي فليتنبه لذلك([118]).

 

2- الغرابة لا تعني ضعف الحديث إلا أن الغالب على الغرائب الضعف([119]).

 

3- إذا قال الترمذي في الحديث إنه غريب فالحديث ضعيف، قاله ابن حجر([120]).

 

4- إذا قال النووي إن الحديث غريب فهذا يعني أنه ليس بحديث أو لم يجد له إسنادا([121]) وكذا الزيلعي وابن الملقّن.

 

 

 

المبحث الثاني : الحديث العزيز

 

 

 

التعريف المختار

 

هو ما رواه اثنان أو ثلاثة. نقله ابن الصلاح عن ابن منده([122]).

 

وسمي هذا النوع بالعزيز لأن فيه معنى القوة بمجيئه من طريق آخر أو آخرين، فهو من عزّ يعزّ أي قوي، كما قال تعالى :] إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ[ (يّـس:14).

 

شرح تعريف الناظم

 

عـزيز مروي اثنين أو ثلاثـة       مشهور مـروي فـوق مـا ثلاثة

 

والتعريف موافق للمعنى المختار وهو واضح لا يحتاج إلى شرح ، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن ابن حجر اختار في النخبة اصطلاحا أضيق من المعنى المذكور فخص العزيز بما رواه اثنان فقط([123])، وبناء على هذا استدرك بعضهم على الناظم فقال:

 

عزيز مروي اثنين يا بحاثة([124]) . وليس ذلك بلازم للبيقوني رحمه الله تعالى .

 

 

 

مثال الحديث العزيز

 

قول النبي e :« لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"([125]). رواه عن النبي e أنس وأبو هريرة رضي الله عنهما، وعن أنس رواه قتادة وعبد العزيز بن صهيب. ورواه عن قتادة: شعبة وسعيد بن أبي عروبة، وعن عبد العزيز: ابن عُليّة وعبد الوارث، ورواه عن الكلّ جماعة([126]).

 

تنبيهان:

 

1- قال ابن حبان إن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي السند لا توجد أصلا، وتعقّبه الحافظ بقوله: إن أراد رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلا فيمكن أن يسلّم، أمّا صورة العزيز التي حرّرناها فموجودة([127]).

 

2- وليست العزة شرطا للصحيح خلافا لمن زعمه وهو أبو علي الجبائي من المعتزلة، وليست شرطا لصاحبي الصحيح البخاري ومسلم خلافا لمن توهّمه([128]).

 

ولما قلنا إن الشاذ هو ما ينفرد به الثقة؛ فهذا لا يعني أنا نشترط العزة أيضا، وهو واضح والله أعلم.

 

 

 

المبحث الثالث : الحديث المشهور

 

 

 

التعريف المختار

 

هو ما زاد نقلته عن ثلاثة وهو الذي نقله ابن الصلاح عن ابن منده([129]).

 

ولا نحتاج إلى تقييد أكثره، وقد تكون الشهرة مطلقة وتكون نسبية -وكذا العزة أيضا-، ونص أبي عبد الله بن منده يدل عليه حيث قال:« الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا تفرّد الرجل عنهم بالحديث يسمّى غريبا، فإن روى عنهم رجلان أو ثلاثة واشتركوا في حديث يسمّى عزيزا، فإن روى الجماعة عنهم حديثا يسمّى مشهورا»([130]).

 

شرح تعريف الناظم

 

عـزيز مروي اثنين أو ثلاثـة       مشهور مـروي فـوق مـا ثلاثة

 

ومعناه أن المشهور ما كان رواته فوق الثلاثة في العدد أربعة فصاعدا، ومن ينتقد هذا التعريف إنما ينتقده بناء على اصطلاح ابن حجر، الذي جعل المشهور ما رواه ثلاثة فأكثر، وإلا فهو تعريف جيد.

 

أمثلة الحديث المشهور

 

المثال الأول:

 

حديث:«من حفظ على أمّتي أربعين حديثا من السنة كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة» . روي من طريق عمر وعلي وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد رضي الله عنهم بأسانيد لا تخلو من مقال، وليس للتحسين فيها مجال([131]).

 

المثال الثاني:

 

حديث:« لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» طرقه كثيرة، وقد أخرجه مسلم من طريق ابن مسعود([132])، وروي عن أبي ريحانة وابن عباس والسائب بن يزيد وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن سلام رضي الله عنهم بأسانيد ضعيفة([133]).

 

حكم الحديث المشهور

 

الشهرة لا تعني صحة الحديث عند أهل الحديث، فقد تكون الطرق كلها واهية فلا يصح بها الحديث-كما في المثال الأول-، كما أن الحديث الصحيح لا يزداد صحة بالشهرة دائما.

 

فرع:

 

قال ابن الصلاح: معنى الشهرة مفهوم([134])، ولم يحدّد عددا وقد أراد المعنى اللغوي إذ مثّل له بحديث" الأعمال بالنيات". وكثير من الناس إذا أطلقوا الشهرة يريدون هذا المعنى، وقد صنفت كتب في ذكر الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وهذه الشهرة نسبية، فمن الحديث ما يشتهر عند طائفة دون طائفة كحديث معاذ في الاجتهاد مشهور عند الأصوليين، وحديث "أبغض الحلال عند الله الطلاق" مشهور عند الفقهاء، ولا يلزم من هذه الشهرة الصحة؛ فالحديثان المذكوران مثلا ضعيفان، بل قد تكون أحاديث مشتهرة ولا أصل لها كحديث » يوم صومكم يوم نحركم « ([135]).

 

 

 

الفصل الخامس :

 

بعض أوصاف الأسانيد

 

 

 

 

 

نذكر في هذا الفصل ثلاثة أنواع : المسلسل، والعالي والنازل، والحديث الفرد، وهذه الأنواع قد ذكرها البيقوني وهي من أوصاف الأسانيد التي ليس لها تعلق مباشر بصحة الحديث أو ضعفه، فجعلتها في فصل خاص .

 

 

 

المبحث الأول : الحديث المسلسل

 

 

 

التعريف المختار

 

هو ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حاله للرواة تارة والرواية والتحمل تارة أخرى([136]).

 

ومنه فالتسلسل نوعان : منه ما يكون صفة للتحمّل والرواية، ومنه ما يكون صفة للرواة أو حالاتهم أثناء الرواية .

 

شرح تعريف الناظم

 

مسلسل قل ما على وصف أتى      مثل أما والله أنبأني الفتى

 

كـذاك حـــدّثـنـيـه قــائــمـا      أو بعـد أن حـدّثني تـبسمـا

 

قوله "ما على وصف" يعني تتابع الرواة فيه على صفة مشتركة ، وقوله " أنبأني الفتى" مثال على التسلسل المتعلق بصيغة التحمل ، فكل راو يقول أنبأني ، والبيت الثاني فيه تمثيل للتسلسل المتعلق بحالة الرواة أثناء الرواية .

 

أمثلة الحديث المسلسل

 

المثال الأول : حديث مسلسل بالسماع (حال الرواية)

 

قال الرامهرمزي: سمعت محمد بن أحمد بن الجنيد بن بهرام سمعت محمد بن خالد بن خداش يقول سمعت سلم بن قتيبة يقول سمعت شعبة يقول سمعت سلمة بن كهيل يقول سمعت عباية بن ربعي يقول سمعت عليا يقول في قوله تعالى: ]وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى[ (الفتح:26)قال: لا إله إلا الله"([137]).

 

المثال الثاني : من الأحوال القولية للرواة

 

حديث: « يا معاذ إني أحبك أوصيك يا معاذ ألا تدع في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ». رواه عبد الله بن يزيد المقري  عن عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ به مرفوعا. وقال : وأوصى معاذ الصنابحي، وأوصى الصنابحي أبا عبد الرحمن الحبلي، وأوصى أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم، و هذا سند صحيح([138]).

 

وقد انقطع التسلسل عند عقبة ، وتسلسل من جهة أخرى عن عقبة بن مسلم بقول الرواة فيه: "يا فلان إني أحبك" وفي بعض رواتها نظر والله أعلم([139]).

 

المثال الثالث : من الأحوال الفعلية للرواة

 

حديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال شبّك بيدي صفوان بن سليم وقال: شبّك بيدي أيوب بن خالد وقال: شبّك بيدي عبد الله بن رافع وقال: شبّك بيدي أبو هريرة وقال: شبّك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال :« خلق الله الأرض يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة »([140]). وإبراهيم متروك الحديث، والحديث ثابت من غير جهته بغير وصف التسلسل([141]).

 

المثال الرابع : من صفات الرواة

 

قال مسدد عن يحيى بن سعيد بن فروخ عن شعبة عن قتادة عن أنس t عن النبي e قال :« لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه »([142]).

 

هذا حديث مسلسل بالبصريين . ومما يندرج في هذا قولهم هذا مسلسل بالحفاظ أو الفقهاء أو القراء ([143])، ومن أمثلة المسلسل بالفقهاء : رواية سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، قال وكيع:« فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه»([144]).

 

ملاحظات

 

1-وهذا النوع من مُلَح علم الحديث لا من مقاصده، ومع ذلك فبعض أنواعه لا تخلو من فائدة. فقد تدلّ على الاتصال ونفي احتمال الإرسال والتدليس، وتدلّ أيضا على مزيد ضبط من رواة ذلك الحديث([145]).

 

2- قلّما تسلم المسلسلات من ضعف فإن سلم أصل الحديث فالتسلسل كثيرا ما يركب ويوضع.

 

3- من أصح المسلسلات بأحوال الرواة المسلسل بقراءة سورة الصف([146])، وأهم المسلسلات بصفات الرواة المسلسل بالحفاظ المتقنين([147]).

 

 

 

المبحث الثاني : الحديث العالي والحديث النازل

 

 

 

شرح تعريف الناظم وهو المختار

 

قال الناظم: و كل ما قلّت رجاله علا         وضدّه ذاك الذي قد نزلا

 

فالعلو والنزول وصفان متعلقان بعدد رجال سند بين راوي الحديث والنبي e،

 

فإذا قلّت رجال السند كان الحديث عاليا، وإذا كثرت كان الحديث نازلا .

 

مثال عن الحديث العالي

 

قال البخاري: حدّثنا مكي بن إبراهيم حدّثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه أن النبي e قال:« من يقل علي ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النار»([148]).

 

فهذا أحد عوالي البخاري الثلاثية وهي اثنان وعشرون حديثا([149]).

 
مثال عن الحديث النازل
 

قال النسائي: حدّثني محمد بن بشار قال حدّثنا عبد الرحمن قال حدّثنا زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن ابن أبي ليلى عن امرأة عن أبي أيوب مرفوعا:« قل هو الله أحد ثلث القرآن ».

 

قال النسائي:« ما أعرف إسنادا أطول من هذا» ([150]). هذا عشاري وهو أنزل ما روى أصحاب السنن.

 

المفاضلة بين العلو والنزول

 

والعلو الذي هو بمثابة القرب من النبي e مطلوب ومرغوب فيه عند الجماهير، وقد صنفت في العوالي مصنفات كثيرة جدّا فمنها الرباعيات والخماسيات والسداسيات إلى العشاريات. فكان أكثر المحدثين لا يقنع بتحصيل الحديث وهو يقدر على أعلى منه إسنادا، وربما رحل في سبيل ذلك. وقد قال الإمام أحمد: طلب الإسناد العالي سنة من سلف([151]).

 

وقال القاسمي:« الإسناد النازل مفضول إلا إن تميز بفائدة كزيادة الثقة في رجال إسناده أو كونه أحفظ وأفقه»([152]). ومن ذلك تفضيل نزول الثقات على علو الضعفاء والمجهولين([153]). وكتفضيل نزول الحفاظ الفقهاء على علو الشيوخ، كما فضّل وكيع حديث سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود على حديث الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود وقال : حديث يتداوله الفقهاء خير من حديث يتداوله الشيوخ.

 

من أنواع العلو عند المتأخرين

 

الأصل في العلو هو القرب من النبي e إلا أن المتأخرين توسّعوا وتفننوا في مجال العلو، ومن أهم أنواع العلو التي اعتنوا بها :العلو بالنسبة إلى أصحاب الكتب المصنفة، وهو عندهم أربعة أقسام([154]):

 

1- المساواة : وهو رواية الحديث بنفس عدد رجال سند صاحب الكتاب.

 

2- المصافحة: وهي مساواة تلميذ صاحب الكتاب.

 

3- الموافقة : وهي رواية الحديث عن شيخ المصنف بعدد أقل من أن يرويه من طريقه.

 

4- البدل : وهو الموافقة في شيخ شيخ المصنف.

 

 

 

المبحث الثالث : الحديث الفرد

 

شرح تعريف الناظم

 

والفرد ما قيّدته بثقة     أو جمع أو قصر على رواية

 

الحديث الفرد أعم من الحديث الغريب فهو يتضمن أنواعه التي سبق شرحها وأنواعا أخرى ليست من الغريب، كتفرد أهل بلد عن راو من الرواة، أو تفرّد أهل بلد عن أهل بلد آخر([155]).

 

وإذا كان اللقب يتضمن أجناسا مختلفة الحقائق فإنه يتعذر ضبطه على طريقة الحدود ، وإنما يعرف بتعداد أقسامه، وهذا ما صنع الناظم .

 

-فالمقيّد بالثقة من الغريب النسبي، فيقال تفرد به فلان عن الزهري ، ويكون مرويا من جهة أخرى .

 

-والقصر على رواية هو الغريب المطلق، وقد سبق الحديث عن هذين النوعين.

 

-والتقييد بالجمع هو ما يختص به الأفراد ، ومن ذلك قولهم : هذا حديث تفرد به أهل مكة، أو تفرد به أهل الشام، أو تفرد به البصريون عن الكوفيين ونحوه.

 

قال ابن الصلاح :« ولسنا نطول بأمثلة ذلك فإنه مفهوم دونها ، وليس في شيء من ذلك ما يقتضي الحكم بضعف الحديث إلا أن يطلق قائل قوله : تفرد به أهل مكة ، أو تفرد به البصريون عن المدنيين أو نحو ذلك ، على ما لم يروه إلا واحد من أهل مكة أو واحد من البصريين ويضيفه إليهم كما يضاف فعل الواحد إلى القبيلة مجازا »([156]).

 

 

 

 


[1]/ مقدمة الفوائد المجموعة (ط).

[2]/ المقدمة لابن الصلاح (183).

[3]/ المحدّث الفاصل للرامهرمزي (386).

[4]/ أحمد (162) أبو داود (3646)، أما حديث " لا تكتبوا عني " فانظر الجواب عنه في شرح السنة (1/694) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (622) عارضة الأحوذي لابن العربي (10/65) شرح مسلم للنووي (18/169) فتح الباري لابن حجر (1/277) الأنوار الكاشفة للمعلمي.

[5]/ انظر المحدّث الفاصل للرامهرمزي (323-406) فتح الباري لابن حجر (1/67-679).

[6]/ صحيح مسلم (12-13) معرفة علوم الحديث للحاكم (56).

[7]/ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/134).

[8]/ وأما حديث :« كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد فهو أجذم أو أقطع» فهو حديث ضعيف معل بالإرسال. انظر الإرواء (رقم 2).

[9]/ جلاء الأفهام لابن القيم (72) والقول البديع للسخاوي (7).

[10]/ انظر جلاء الأفهام لابن القيم (238) القول البديع للسخاوي (250).

[11]/ انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العزّ الحنفي (120-121).

[12]/ مسلم (2278).

[13]/ البخاري (2411) مسلم (2373).

[14]/ مجموع الفتاوى لابن تيمية (18/11)

[15]/ انظر تدريب الراوي للسيوطي (1/43)

[16]/ انظر الوجيز في علوم الحديث لعجاج الخطيب (19) ومجموع الفتاوى (3/378) (22/540).

1/ هذا ما رأيته جامعا مانعا من غير تكرار أو إطناب وأسلم من الاعتراض.

2/ شرح النخبة لابن حجر (18-19). والصحيح عدم اعتبار المروءة في العدالة.

3/ شرح النخبة لابن حجر (19).

[20]/ الباعث الحثيث لابن كثير (20).

[21]/ المقدمة لابن الصلاح (89) تدريب الراوي للسيوطي (1/252) فتح المغيث للسخاوي (1/141).

[22]/ انظر التدريب للسيوطي (1/65-232) شرح العلل لابن رجب (1/457-عتر) فتح المغيث للسخاوي (1/106).

[23]/ شرح الزرقاني على البيقونية (23).

[24]/ كما صنع ابن الوزير في مختصر له فاقتصر على ذكر التعليل فقط، انظر توضيح الأفكار.

[25]/ العربي بن يوسف بن محمد  الفاسي المتوفى سنة(1053هـ) صاحب عقد الدرر في نظم نخبة الفكر.

[26]/ انظر تدريب الراوي للسيوطي (1/64).

[27]/ الموطّأ (633) ومن طريقه أخرجه البخاري (1433) ومسلم 984) وأبو داود (1611) والترمذي (676) والنسائي (5/48) وابن ماجة (1826).

[28]/ شرح العلل لابن رجب.

[29]/ رواية عمر بن نافع أخرجها البخاري (1432) وأبو داود (1613) والنسائي (5/48) ورواية الضحاك بن عثمان أخرجها مسلم.

[30]/ أخرجه أحمد (5/451) والترمذي (2475) وابن ماجة (1335و3251).

[31]/ انظر نخبة الفكر لابن حجر (24) وقارن بتوضيح الأفكار (1/155).

[32]/ المقدمة لابن الصلاح (50) النكت لابن حجر (1/404).

[33]/ تيسير مصطلح الحديث لمحمود الطحان (45)  التعليقات الأثرية لعلي حسن الحلبي (23).

[34]/ معالم السنن للخطابي (1/6) عارضة الأحوذي لابن العربي (1/6) المقدمة (31) النكت (1/405).

1/ معالم السنن للخطابي (1/6) التقييد والإيضاح للعراقي (24).

1/ فتح المغيث للسخاوي (1/86) وقارن بتدريب الراوي للسيوطي (1/163).

[37]/ المحدّث الفاصل للرامهرمزي (561) المقنع لابن الملقن (1/87) النكت لابن حجر (1/464-467).

[38]/ شرح العلل لابن رجب (1/340) المقدمة لابن الصلاح (31) قارن بالباعث الحثيث .

[39]/ انظر الجرح و التعديل لابن أبي حاتم (2/37) والعلل لابن أبي حاتم (1/132-133).

[40]/ شرح النخبة لابن حجر (30-31) هذا اصطلاح جرى عليه المتأخرون، ولا يلزم منه اعتماد كل متابعة وشاهد.

[41]/ تدريب الراوي للسيوطي (1/178).

[42]/ أخرجه أحمد (2/213) وأبو داود (4845) والترمذي (2752).

[43]/ جعل الشيخ أحمد شاكر هذا من أصحّ الأسانيد فصحّح هذا الحديث، وكلّ حديث يروى بهذا الإسناد، والصواب هو ما ذكرناه ، انظر الباعث الحثيث (21) والمسند (11/18) بتخريج أحمد شاكر.

[44]/ النكت لابن حجر (1/492).

[45]/ المقدمة لابن الصلاح (102-103)

[46]/ الأنوار الكاشفة للمعلمي (249) شرح ألفية السيوطي لأحمد شاكر (14).

[47]/ أعلام الموقعين لابن القيم (1/31) النكت لابن حجر (1/436) تدريب الراوي للسيوطي (1/299) قواعد التحديث للقاسمي (113) قواعد علوم الحديث للتهانوي (95/96).

[48]/ مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/521) الاعتصام للشاطبي (1/225-226) تبيين العجب لابن حجر (ص 26) القول البديع للسخاوي (258) صحيح الجامع للألباني (1/45) تمام المنة للألباني (36) صحيح الترغيب للألباني (1/21-38).

[49]/ الأنوار الكاشفة للمعلمي (90) مجموع الفتاوى (1/250-251) الفوائد المجموعة للشوكاني (283) وشرح مسلم للنووي (1/95 وما بعدها).

[50]/ صحيح الجامع الصغير (1/31).

[51]/ التعليق على الفوائد المجموعة (180،226،482).

[52]/ انظر الحاوي للفتاوي للسيوطي (2/46).

[53]/ جامع الترمذي (1854).

[54]/ انظر الميزان للذهبي (3/407) والفروسية لابن القيم (45).

[55]/ المسند (3/68) المستدرك للحاكم (1/499).

[56]/ انظر المقدمة لابن الصلاح (22) والفروسية لابن القيم (46).

[57]/ منهاج السنة النبوية لابن تيمية (7/96-97) الفروسية لابن القيم (48-50).

[58]/ الكامل لابن عدي (1/325) نقلا عن السلسلة الضعيفة (593).

[59]/ الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع للخطيب (1702) مسند الشهاب للقضاعي (119).

[60]/ أخرجه أحمد (3/429) والنسائي (6/11) وابن ماجة (2781) والحاكم (3/151).

[61]/ انظر السلسلة الضعيفة (593).

[62]/ أبو داود (3510) ابن ماجة (2243).

[63]/ الترمذي (1286).

[64]/ الترمذي (1285) أبو داود (3508) النسائي (8/254و255) ابن ماجة (2242).

[65]/ إرواء الغليل للألباني (1315) وانظر متابعات أخرى في جامع الترمذي (3/582) وتاريخ بغداد (8/297).

[66]/ انظر المقدمة لابن الصلاح (45) والمنهل الروي لابن جماعة (40) والخلاصة للطيبي(49) وقارن بالباعث لابن كثير (43) والمقنع لابن الملقن (113).

[67]/ الكفاية للخطيب (37).

[68]/ انظر النكت لابن حجر (2/511) والتدريب للسيوطي (1/184)

[69]/ فتح المغيث للسخاوي (1/116)

[70]/ انظر فتح المغيث للسخاوي (1/117) وقارن بفتح الباري لابن حجر (5/263) و انظر التتبع للدارقطني (343).

[71]/ والحديث أخرجه البخاري (2585) الترمذي (1953) أبو داود (3536) وأحمد (1/295) (6/90).

[72]/ المقدمة لابن الصلاح (45) وقال العراقي في ألفيته :

وسمّ مرفـوعـا مضافـا للنبي       واشترط الخطيب رفع الصاحب

ومن يقابلـه بـذي إرسـال        فـقد عنى بـذاك ذا اتّصـال

[73]/ المقدمة (50) المنهل الروي (57) الباعث الحثيث (45) وانظر إرشاد الساري للقسطلاني (1/9)

[74]/ انظر المقدّمة لابن الصلاح (47-49) المقنع لابن الملقن (125) شرح الألفية للعراقي (56،62) التقييد والإيضاح للعراقي (67) فتح المغيث للسخاوي (1/126-127) تدريب الراوي للسيوطي (1/186-188) شرح النخبة لابن حجر (56،61) وتوسيع الكلام في هذه المسائل بابه علم أصول الفقه، وقد خالف في كونها من المرفوع بعض الفقهاء وبعض المحدثين .

[75]/ انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (12/331و339).

[76]/ كلا الروايتين في صحيح مسلم (12/199) والحديث رواه البخاري أيضا (3495).

[77]/ أحمد (2/97) ابن ماجة (3218) الدارقطني (4/271و272).

[78]/ الصحيحة للألباني (1118) نصب الراية للزيلعي (4/201-202) السنن الكبرى (1/254) انظر تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان (ص 159-160).

[79]/ العلل لابن أبي حاتم (1524) انظر فتح الباري لابن حجر (9/185)

[80]/ البخاري (4564) وانظر التوكل لابن أبي الدنيا (32).

[81]/ المقدمة لابن الصلاح (46) تدريب الراوي للسيوطي (1/184).

[82]/ معرفة علوم الحديث للحاكم (19) النكت على ابن الصلاح (1/512).

[83]/ انظر إرشاد الساري للقسطلاني (1/9) لأنّ سكوته قد يكون لأسباب غير الإقرار منها عدم العلم أو مراعاة الخلاف أو غير ذلك.

[84]/ المقدمة لابن الصلاح (46) المنهل الروي لابن جماعة (40) الباعث الحثيث لابن كثير (43).

[85]/ تدريب الراوي للسيوطي (1/180) الباعث الحثيث لابن كثير (43).

[86]/ تدريب الراوي للسيوطي (1/180) الباعث الحثيث لابن كثير (43).

[87]/ المصنف لعبد الرزاق (817) سنن الدارقطني (1/182).

[88]/ انظر سبل السلام للصنعاني (1/145) .

[89]/ المقدمة لابن الصلاح (47) شرح النخبة لابن حجر (68).

[90]/ فتح المغيث للسخاوي (1/124) انظر المقدّمة لابن الصلاح (59).

[91]/ قواعد التحديث للقاسمي (130).

[92]/ المقنع لابن الملقن (1/127) فتح المغيث للسخاوي (1/143 و149).

[93]/ انظر مثال ذلك في التتبّع للدارقطني (ص 339 رقم 182).

[94]/ انظر مثال ذلك : صحيح البخاري (135و147) وفتح المغيث (1/123).

[95]/ الجامع للخطيب (1/191) البحر المحيط للزركشي (4/540-543) مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/24) ومن فائدته أيضا عند بعض أهل العلم تقوية المرسل وهو مذهب الشافعي.

[96]/ الدارمي (381) كتاب الشكر لابن أبي الدنيا(14).

[97]/ المصنف لعبد الرزاق (31).

[98]/ المنهل الروي لابن جماعة (40-41) الخلاصة للطيبي (63-64) قواعد التحديث للقاسمي (130).

[99]/ المقدمة لابن الصلاح (44).

[100]/ المقدمة لابن الصلاح (44).

[101]/ فتح المغيث للسخاوي (1/118) وانظر تدريب الراوي للسيوطي (1/183) المنهل الروي لابن جماعة (40) الباعث الحثيث لابن كثير (43)

[102]/ شرح الألفية للعراقي (52).

[103]/ التعليقات الأثرية لعلي حسن الحلبي (29) والمستدرك هو الشيخ عبد الستار أبو غدة.

[104]/ أخرجه بهذا السند مسلم (1/171) وللحديث طرق أخرى عن أنس غير طريق إسحاق، عند مسلم والبخاري (282،130،3228،6091،6121).

[105]/ العلل لابن أبي حاتم (163).

[106]/ أبو داود (650) الدارمي (1/320) أحمد (3/20،92) الطحاوي (1/294) الحاكم (1/260).

[107]/ العلل لابن أبي حاتم (330).

[108]/ معرفة علوم الحديث للحاكم (18-19).

[109]/ النكت على ابن الصلاح(2/506-507) انظر شرح النخبة (69) انظر التمهيد (1/25).

[110]/ المقدمة لابن الصلاح (43) انظر التمهيد لابن عبد البر (1/21 و22).

[111]/ الكفاية للخطيب (37).

[112]/ العلل لابن أبي حاتم (51) وليس في اتخاذ المنشفة حديث يثبت.

[113]/ جامع الترمذي (447) وكذا أعلّه أبو زرعة، انظر العلل لابن أبي حاتم (رقم 327)

[114]/ تدريب الراوي للسيوطي (1/48).

[115]/ شرح النخبة لابن حجر (16-17).

[116]/ أخرجه أبوداود (2357) وابن السني (473) والحاكم (1/422) والبيهقي (2/239) وغيرهم.

[117]/ انظر شرح علل الترمذي (1/438) وصحيح الجامع الصغير (6660).

[118]/ الاقتراح لابن دقيق العيد (18) فتح المغيث للسخاوي (1/243).

[119]/ المقدمة لابن الصلاح (271) الباعث لابن كثير (162).

[120]/ انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (18/248).

[121]/ التلخيص الحبير لابن حجر (2/282).

[122]/ المقدمة لابن الصلاح (270) الباعث لابن كثير (162).

[123]/ شرح النخبة لابن حجر (11) فتح المغيث للسخاوي (3/33) تدريب الراوي للسيوطي (1/181).

[124]/ وهو عبد الستار أبو غدة كما في التعليقات الأثرية لعلي حسن الحلبي .

[125]/ البخاري (15) مسلم (44) النسائي (8/114-115) ابن ماجة (67) أحمد (3/177،675،678) عن أنس، البخاري (14) عن أبي هريرة.

[126]/ شرح النخبة لابن حجر (12).

[127]/ شرح النخبة لابن حجر (12).

[128]/ شرح النخبة لابن حجر (11).

[129]/ المقدمة لابن الصلاح (270) شرح النخبة لابن حجر (7و9) التدريب للسيوطي(1/173).

[130]/ المقدمة لابن الصلاح (270).

[131]/ انظر فيض القدير للمناوي (6/119).

[132]/ مسلم (91).

[133]/ انظر أحمد (1/132) (2/164) (4/151) مجمع الزوائد (1/98) الإصابة (3/334).

[134]/ المقدمة لابن الصلاح (265).

[135]/ انظر تدريب الراوي للسيوطي (2/175).

[136]/ المقنع لابن الملقن (447) وانظر المنهل الوي لابن جماعة (57) والخلاصة للطيبي (51).

[137]/ المحدّث الفاصل للرامهمزي (474) وأخرجه ابن جرير (26/66) من طريق ابن خداش و من طريق الثوري عن سلمة وسنده حسن، وعباية قال فيه أبو حاتم: شيخ، ووثّقه ابن حبان وتكلّم فيه للتشيع والله أعلم. انظر الجرح والتعديل (7/29) الثقات لابن حبان (5/281) واللسان لابن حجر (3/247).

[138]/ أحمد (5/245) والحاكم (1/245) وقد تابع المقري أبو عاصم وابن وهب عند أحمد (5/247) والنسائي (3/53) ولم يذكرا ذلك.

[139]/ الشكر لابن أبي الدنيا (109) حلية الأولياء لأبي نعيم (5/130) (10/241).

[140]/ معرفة علوم الحديث للحاكم (33-34).

[141]/ مسلم (8/127) بلفظ "خلق الله التربة" و انظر السلسلة الصحيحة (1833) مشكاة المصابيح (5734) الأنوار الكاشفة للمعلمي (185-187).

[142]/ البخاري (13) وانظر المسلسل بالكوفيين والمصريين والمدنيين برقم (11-12-14) على التوالي.

[143]/ وانظر مثال المسلسل بالقراء في النشر في القراءات العشر (1/210) ومنها المسلسل بالأسماء المتفقة، قال محمد بن  زكريا الغلابي (وهو كذاب) حدثنا الحسن عن الحسن عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن مرفوعا:« إن أحسن الحسن الخلق الحسن » انظر مسند الشهاب (986) والضعيفة (768).

[144]/ معرفة علوم الحديث للحاكم (11).

[145]/ المقدمة لابن الصلاح (275) وانظر فتح المغيث للسخاوي (3/53-54).

[146]/ الترمذي (3309) أحمد (5/452) الدارمي (2/200) الحاكم (2/229-487) تفسير ابن كثير (6/646) فتح الباري لابن حجر (8/828).

[147]/ شرح النخبة لابن حجر (15) تدريب الراوي للسيوطي (2/189).

[148]/ البخاري (109).

[149]/ شجرة النور الزكية(1/489) كشف الظنون(522) وأعلى ما يقع لمسلم والنسائي الرباعيات، وللترمذي في كتابه ثلاثي واحد وكذا أبو داود، ولابن ماجة خمسة أحاديث ثلاثية من طريق بعض المتهمين، انظر أبا داود(4749) الترمذي(2260) الحطة لصديق خان(355-379) فتح المغيث(3/14).

[150]/ النسائي (2/171-172) ورواه الترمذي (2896) وأحمد (5/419) وانظر التدريب (2/1167).

[151]/ المحدث الفاصل للرامهمزي (216) المعرفة للحاكم (5-7) المقدمة (256) فتح المغيث (3/9).

[152]/ المحدث الفاصل (338) المعرفة للحاكم (11) قواعد التحديث للقاسمي (127).

[153]/ المعرفة للحاكم (9-10) المقنع (426) المنهل الروي (71) فتح المغيث (3/6) الميزان (4/522).

[154]/ المقدمة لابن الصلاح (258)-259) شرح النخبة لابن حجر (71).

[155]/ انظر المقدمة لابن الصلاح (88-89) المقنع لابن الملقن (209) النكت لابن حجر (2/705).

[156]/ انظر المقدمة لابن الصلاح (89) .

تم قراءة المقال 30462 مرة