طباعة
الأربعاء 6 ربيع الأول 1445

تعليقات موجزة على أحاديث بناء المساجد على القبور لابن باديس رحمه الله

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تعليقات موجزة على أحاديث بناء المساجد على القبور لابن باديس رحمه الله
أولا : لَعْنُ مَنِ اتَّخَذَ الْمَسَاجِدَ عَلَى الْقُبُورِ.
«لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم.
التعليق :
لما أخبر عليه وآله الصلاة والسلام أن الله لعن اليهود والنصارى بين علة وسبب لعنهم، وهي اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد. وذلك بأن بنوا عليها المساجد أي أماكن العبادة كما هو صريح في حديث آخر هكذا ((بنوا على قبره مسجداً))، وسنذكره في الجزء الآتي إن شاء الله. فالمتخذ للمساجد على القبور ملعون بنص هذا الحديث الصحيح الصريح.
فيا أيها المؤمنون بمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- المصدقون لحديثه إياكم والبناء على القبور، إياكم واتخاذ المساجد عليها إن كنتم مؤمنين. وعليكم تبليغ هذا الحديث والتذكير به والتكرير لذكره يكن لكم أجر المجاهدين في سبيل رب العالمين وثواب العاملين لإحياء سنة سيد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام أجمعين ((2/ 251)).
.......
ثانيا : بِنَاءً الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُوْرِ مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
" أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْه ِوَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»)).
البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها (1).
التعليق :
كانوا شرار الخلق بسبب بنائهم المساجد على قبور صالحيهم واتخاذ الصور لهم وكلاهما ذريعة الشرك والوثنية، وإن كان النصارى يقصدون التبرك بآثار الصالحين. ولا يقال أن هذا فيمن جمع بين البناء والتصوير لأنه قد جاء لعنهم على البناء وحده كما في الحديث المتقدم في جزء مضى ولا يقال أن هذا لأنهم نصارى لأن المقصود النهي عن مثل فعلهم هذا والتحذير منه ببيان العقاب المترتب عليه حتى لا يفعل المسلمون هذا الفعل فيترتب عليه عقابه.
فحذار أيها المسلم من فعل أهل الضلال ومشاكلة الأشرار ولا تغتر بكثرة الهالكين ((2/ 252)).
........
ثالثا : تَأْكِيدُ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ القُبُورَ مَسَاجِدَ.
" عَنْ جُنْدَبِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ يَقُولُ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ -عليه السلام- خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ». رواه مسلم
التعليق:
هذا الحديث كالأحاديث الماضية صريح في النهي عن اتخاذ القبور مساجد. وذلك ببناء المساجد عليها كما تقدم في حديث أم حبيبة وأم سلمة- رضي الله عنهما- في الجزء الماضي، وبالصلاة إليها كما فيما سننقله في الجزء الآتي، وفي هذا الحديث تأكيد النهي بكلمة (ألا) مرتين، وبتكرير النهي المستفاد أولا من (لا) وثانيا من الجملة الأخيرة المصرح فيها بمادة النهي مع التأكيد بأن، وبعد هذا التأكيد في هذه الصراحة لا يبقى من يشك أو يشكك في معناه إلا من أعمى الله بصيرته واستولى الغرض والهوى على لبه وران كسبه على قلبه عياذا بالله. هذا وإننا بعد أن نفرغ من نقل متون هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة نأتي بكلام الأئمة من شراحها عليها ثم بكلام الأئمة من فقهائنا المالكية رحم الله الجميع ونفعنا بمحبتهم وحشرنا في زمرتهم لا مبدلين ولا مغيرين آمين ((2/ 253)).
.........
رابعا : مِنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ الصَّلَاةُ إِلَيْهَا.
" عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَتْ: وَلَوْ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
رواه الشيخان واللفظ للبخاري.
التعليق:
أفادت عائشة- رضي الله عنها- أنهم لم يبرزوا قبره- صلى الله عليه وآله وسلم- للناس خوفا من أن يتخذ مسجدا بالصلاة إليه فاتخاذ القبور مساجد الذي تكرر النهي عليه ولعن مرتكبه يكون بالبناء عليها كما في الأحاديث الماضية وبالصلاة أيها كما في هذا الحديث ((2/ 254)).

تم قراءة المقال 188 مرة