طباعة
الأحد 17 رمضان 1446

المسلمون بين رقصات مادونا وأهداف مارادونا

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

المسلمون بين رقصات مادونا وأهداف مارادونا.
 ( ج صحافة اليرموك-ص7- السبت 10 نيسان 1993م )
الّذي أكتتبه اليوم لا أدري إن كان مقالة أو قصّة أو خاطرة ...  فلا تهمّني التّسمية فهي رسالة إعلامية أرسلها إلى ذوي القلوب الحيّة الّتي غفلت عن جراح إخواننا هنا وهناك، لعلّ ما كتبت يكون قطرات أو ندى تنعش بعضَ القلوب اليابسة فتغسل الرّان والصّدأ الّذي تراكم عليها جرّاء اللّهو واللّعب والتّطبيل والتّزمير ...
فلعلّنا نرجع إلى كتاب رّبنا وسنّة نبيّنا على طريقو سلفنا فيكفينا عناء فلن نجد غيره دواء.
لن نطيل عليكم فقد كان يوم جمعة عندما انهالت قذائف الصّرب على قرية مسلمة في البوسنة، أمّا سكّانها فقد فرّ بعضهم ومات الآخر تحت الانقاض. وقبل العصر حضر خمسة من الجنود إلى القرية لينهبوا الممتلكات وليتخلّصوا من كلّ مسلم لم يقض عليه القصف الحارق بعد.
فتّشوا القرية بيتا بيتا، فإذا بهم يقفون بظلّ بيت لم يزل قائما على أركانه كان بابه مقفلا ونوافذه موصدة، كسروا الباب ودخلوا فإذا برجل مسلم طريح الفراش وقد أصابته شظايا القذائف في ساقيه منعته من الفرار، وبقي إلى جانبه زوجته عائشو وابنته فاطمة وابنه إبراهيم، فجرّوا الأب على ظهره وهم يركلونه بأقدامهم إلى عتبة الباب عندها وضع أحدهم فوهة رشّاشه بين عينيه وأطلق شحنة من رصاصه، فانفجر رأسه كالبالون، فأغمي على الزوجة وبناتها، بينما وقف الإبن ينادي أباه وقد قطع شهيقه هدوء القرية الميتة.
وساعتها ملأ الجنود البيت ضحكا وقهقهة وقال أحدهم "إنّه مسلم لا يملك حق العيش معنا" -رغم أنّه قبل هذه الحرب القذرة كان المسلمون والصربيون شيوعيون يطلق عليهم لقب الرفّاق- ثم صرخ آخر "لقد غربت الشمس سنسهر في هذا البيت اللّيل" فربطوا الأمّ وأولادها إلى أثاث البيت، وانبطحوا على الأرض يلعبون الورق ويصيحون كذئاب ويغنون ويصفّرون، وقارورة الخمر تدور من فم إلى فم، وقد امتزج ريح البيرة بريح السّجائر أمّا الأمّ وأولادها فبقوا صامتين تكاد تخرج قلوبهم من صدورهم حزنا على الأب المقتول وخوفا على مصيرهم المجهول، وبعد منتصف اللّيل عندما لعبت الكؤوس بالرّؤوس قام أحدهم فمزّق ثوب الأمّ عائشة ومدّ يده إلى صدرها وراودها عن نفسها لكنّها رفضت وضمّت رجليها بقوّة، وبصقت في وجهه، فقام يمسح وجهه بكمّه وقال "أنت حرّة فإن لم تستجيبي باللّين فابنتك ستستجيب بالقوّة فاختاري أنت أم البنت" فقالت الأمّ متوسّلة أنا أنا اتركوا ابنتي ظانّة أنّهم لن يطمعوا فيها فيما بعد، وعند ذلك استسلمت الأمّ للوحوش الخمسة ودموع عفّتها تجري على خدّيها، فتناوب الخمسة على اغتصابها إلى الفجر ... ثمّ تركوها عارية تعضّ شفتيها من شدّة آلامها وحزنها ...

وبعيدا عنها اقترع الوحوش الخمسة على فاطمة الصغيرة، الّتي لم يتجاوز عمرها ثلاثة ربيعا، وفجأة سمعت الأمّ صراخ فاطمة عندما جرّها أحد الخنازير الّذي يزن أكثر من قنطار من شعرها إلى الطّابق العلوي ليغتصبها لكن الأمّ بقيت مشدودة اليدين إلى الفراش الحديدي الثّقيل ... وفاطمة صغيرة لا تطيق مثل هذا الخنزير ... وبعد ساعة تركها في بركة من دم وقد أغمي عليها، إنّ الاغتصاب أعظم جريمة يمكن أن تصيب امرأة عفيفة .. وفي الأسفل تولّى الرّفاق الآخرون ذبح أخيها أمام أمّه وألقوه عليها وقد تلطّخ جسمها العاري بدمها ودم ابنها ثمّ قال أحدهم هذا جزاء المسلمين جميعا لم يبق لنا ما نفعله في هذه القرية، هيا يا رفاق إلى القرية المجاورة فقد سمعت أنّ نساءها أجمل من نساء هذه القرية وهناك تتكرّر نفس المشاهد ... إلى يوم يفيق المسلمون النّائمون.
هنا يقف القلم عن الكتابة ولو أنّ كلّ ما يعلم يقال لبسطنا المقال، لكن قد كلّ اللّسان وعجز البيان عن تصوير أنواع الهوان وقتل الولدان واغتصاب النّسوان ...
وعلى هامش الآلام يوجد "مليار مسلم" أشغلهم المغنّون بهزّ البطون والطّرب إلى الجنون ... ولا زالت بعد كلّ هذه أو كلّ هذا نساؤنا يطربن لنغمات ورقصات مادونا، ورجالنا لمراوغات وأهداف مارادونا، أمّا عائشة الّتي تصيح من قريتها وامعتصماه ..  وامعتصماه .. فلسان حالنا وقالنا يقول لها الحمد لله لا يجد بيننا أو فينا أحد بهذا الاسم.

تم قراءة المقال 35 مرة