طباعة
الاثنين 7 ربيع الثاني 1431

13-من شبهات النصارى

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد فهذه مقالة أردنا أن نبين فيها فساد بعض عقائد النصارى، والرد على شيء من الشبهات التي يوردون على أبناء المسلمين ليردوهم ويلبسوا عليهم أمر دينهم، وذلك تثبيتا لعقائد الإسلام اليقينية ودفعا لبعض التشكيكات التي انتشرت في بعض الأوساط في بلادنا، وقد اخترنا من مجموع تلك العقائد والشبه ستة منها لخطورتها وكثرة انتشارها وهي كالآتي.

 

13-من شبهات النصارى

الشبهة الأولى : حرية العقيدة

    من شبه دعاة التنصير قولهم إن الإنسان حر في اختيار عقيدته سواء كان مسلما أو نصرانيا أو يهوديا، المهم أنه يكون مخلصا في عبادته فإنه من أهل الجنة.

    وهذا القول باطل عند أهل الديانات جميعا ، يقول الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران85)، فالله تعالى لا يقبل من أحد أي دين بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون مسلما. وقال تعالى مخبرا عن عقيدة اليهود والنصارى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) (البقرة 113)، والنصارى فيما بينهم يكفر بعضهم بعضا، بل هذا القول باطل عند جميع العقلاء، لأن صحة المتناقضات جميعا أمر محال، فكيف يصدق من يقول إن الإله واحد لا شريك له مع من يزعم أنه ثلاثة في آن واحد؟ وكيف يصح القول بصحة الأديان جميعا، والمسلمون يعتقدون أن من لم يؤمن بوحدانية الإله وبرسالة محمد كافر من أهل النار، يقولون إن اعتقاد صحة دين النصارى كفر مخرج من الإسلام ولو لم يعتنق صاحب هذا الاعتقاد النصرانية، والنصارى أيضا يقولون أن من لم يؤمن بألوهية عيسى كافر من أهل النار؟

    ثم نقول لهم ما دام هذا هو زعمكم وأنتم تدعون الصدق في ذلك فدعونا وديننا، ولمَ أزعجتم أنفسكم وأنفقتم أموالكم في تغيير عقائد المسلمين ودعوتهم إلى النصرانية ، ولماذا حارب أجدادكم أسلافنا وأرهبوهم من أجل العقيدة؟!

الشبهة الثانية : أن محمد صلى الله عليه وسلم نبي العرب خاصة

    ومما يصرح به المنصرون للأجناس غير العربية من المسلمين أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي، ولكنه أرسل للعرب خاصة ، وهذا تضليل منهم للناس واستغلال للنـزغات العرقية، وإلا فهم في الواقع لا يؤمنون به لا نبيا للعرب ولا لغيرهم، وإلا فلماذا هم يسعون جاهدين في محاربة دينه؟ وينفقون أموالا طائلة من أجل تنصير المسلمين في الجزيرة العربية وغيرها؟ ولماذا لم يأذنوا لنصارى المشرق العرب أن يسلموا، وإذا كان الإسلام دين العرب فأين دليل عالمية النصرانية دون غيرها ؟ فلماذا تريدون من الهندي والزنجي والقبطي والكردي والبربري أن يكون نصرانيا متبعا لنبي إسرائيلي(عيسى عليه السلام) ، وهم ليسوا من بني إسرائيل ؟

    والذي نعتقده نحن المسلمين أن الأنبياء كانوا يبعثون إلى أممهم خاصة وبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ، قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (الأعراف 158)، وبينما قال في حق عيسى عليه السلام: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصف 6)، وفي هذا أن عيسى أرسل إلى بني إسرائيل خاصة، وأنهم معنيون بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الإنجيل (رغم تحريفه) ما يبين أن المسيح عليه السلام أرسل إلى بني إسرائيل  دون من سواهم، وقد جاء في إنجيل متى (إص14/ع24) »لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة« وفي ترجمة أخرى:»ما أرسلت إلا إلى الخراف الضالة إلى بيت إسرائيل «.

الشبهة الثالثة : أن سبب تخلف العرب هو الإسلام

    ومن الأمور التي يشوش بها المنصرون على أبناء المسلمين أن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بهذا الدين، وكأن النصرانية هي سلم الرقي وطريق الحضارة، ونحن نجيب عن هذا بالإحالة إلى ما كتبه العلمانيون والشيوعيون عن النصرانية، حيث تتفق كلمتهم على أن النصرانية هي أفيون الشعوب ، والتاريخ يشهد أن أوروبا ما عرفت النهضة المادية والحضارية إلا بعد تخلصها من سلطان الكنيسة، وأن الكنيسة كانت تحارب العلم والعلماء. ومن الأدلة على أن النصرانية تزهد في العلم والمعرفة ما جاء في الكتاب المقدس (المحرف طبعا ) في (سفر التكوين الإصحاح الثاني/ عدد 17) حيث يزعم كاتبه أن الله تعالى قال لآدم:» ولكن إياك أن تأكل من شجرة معرفة الخير والشر لأنك حين تأكل منها حتما تموت«، فانظروا كيف جعلوا الأكل من شجر المعرفة محرما وموجبا للهلاك ، وهكذا كانوا يصنعون بالعلماء حتى انتفض عليهم العلمانيون. والتاريخ يشهد أن المسلمين يوم كانوا متمسكين بدينهم، كانوا هم قادة العالم في كل المجالات، وأنهم لما تخلَّو عن تعاليم دينهم وفسدت أخلاقهم وضعف إيمانهم بالله تعالى، وأصبحوا ماديين متنافسين على الدنيا سلط الله تعالى عليهم النصارى فاستعمروا أراضيهم ونهبوا خيراتهم، ودمروا منشئاتهم العلمية والتعليمية وحرموهم من العلم والمعرفة، فصاروا إلى ما صاروا إليه، فسبب تخلف المسلمين هو تخليهم عن دينهم من جهة ، وتسلط الاستعمار النصراني عليهم من جهة أخرى، وليس هو دين الإسلام.

الشبهة الرابعة : عقيدة الخطيئة المتوارثة

    إن النصارى يزعمون أن كل واحد منا يولد مذنبا وارثا لذنب آدم عليه السلام ، هذا الذي صلب الإله ابنه لأجله- أو صلب نفسه أو جزءا منه على خلاف بينهم -لأجل محوه وعدم مؤاخذة الناس به .

    الجواب أن من عقيدة المسلمين ما قاله الله تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم39-38) فكل واحد يؤاخذ بصنيعه لا بصنيع غيره، مهما كانت العلاقة بينهما، ومن عقيدتهم أيضا أن آدم عليه السلام تاب فتاب الله عليه وجعله نبيا بعد ذلك قال سبحانه: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (طـه 121-122). ثم يقال كيف صح في أذهان العقلاء أن يجعل الإله الناس مذنبين من غير فعل اقترفوه ولا ذنب اجترحوه؟ ولازم قولهم أنه من يموت قبل أن يعقل يموت مذنبا كافرا من أهل النار، وهذا بخلاف عقيدة المسلمين أن المولود يولد صفحة بيضاء قابلة للحق مائلة للخير كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :» كل مولود يولد على الفطرة « (متفق عليه) .

الشبهة الخامسة : عقيدة الصلب والفداء

    إنهم يقولون إن صلب المسيح كان تكفيرا لهذه الخطيئة ولخطايا الناس التي يرتكبون، فمهما عصى الناس فسيغفر لهم لأن المسيح صلب؛ شريطة أن يؤمنوا بأنه فعل ذلك من أجلهم.

    الجواب عن هذا بأن صلب المسيح عليه السلام أصلا لم يحدث، ولكن الذي صلب هو غيره، قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (النساء157) وقال: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه) (النساء158)، وفي إنجيل برنابا أن الذي صلب هو يهوذا الإسخريوطي الحواري الخائن. ولا ندري كيف قبلت عقولهم أن الذنوب تمحى بتضحية غير فاعلها؟ فلو لطخ أحدنا ثوبه فهل ينفعه أن يغسل غيره ثوبا غير الثوب الملطخ، إذن فليكن إيمان القساوسة نائبا عن إيماننا ومغنيا عنه ، وكيف استقام في عقولهم أن الإله الذي سيحاسب الناس يوم القيامة يُقدر عليه ويُقتل صلبا، ألا يمكن أن يصلبوه مرة أخرى يوم القيامة؟؟ ويا ترى من كان يسير الكون بالنيابة عنه في الأيام الثلاثة التي كان فيها مصلوبا ميتا؟

الشبهة السادسة : ألوهية المسيح

     أكثر النصارى اليوم يصرحون بأن المسيح هو الله، ويستدلون بفاتحة إنجيل يوحنا:»في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله «، ومع ذلك يقولون إنه حل في جسد ابن مريم (ولده) وهو ما يعبرون عنه باتحاد اللاهوت بالناسوت.

   والجواب عن هذه الترهات بأننا معاشر المسلمين نعتقد أن الله واحد لا شريك له، وأنه الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، لم يلد ولم يولد، وتعالى وتنـزه عن أن يكون له ولد، وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق، اختاره الله وأرسله الله تعالى إلى بني إسرائيل ليعبدوا الله وحده ، قال تعالى: (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا[ وقال سبحانه : ]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) (المائدة:72-73)

     وليعلم أن عقيدة التثليث عقيدة وثنية قديمة موجودة في البوذية وديانة مصر القديمة-700 قبل الميلاد- وديانة البراهما وغيرها، وما تبناها النصارى رسميا إلا في القرن الثالث للميلاد، فالإله عند البراهما مثلا متكون من ثلاثة أقانيم، الأول براهما وهو الأب ويمثل مبادئ الخلق والتكوين، والثاني فشنو وهو الابن ويمثل مبادئ الحماية والحفظ، ويقولون إنه ولد من العذراء العفيفة ديفاكي تجسد فيه الأب لتخليص العالم من الخطايا، ويقولون عنه إنه مات مصلوبا، ثم قام من بين الأموات تماما كما يزعم النصارى، والثالث سيفا ، هو المبدئ المهلك والمبيد والمعيد ويرمزون له كالنصارى بصورة حمامة.

   ومن نظر في الأناجيل المحرفة وجد فيها من الأدلة التي تنفي ألوهية المسيح الشيء الكثير ، خاصة المواضع التي يوصف فيها بالعبد المطيع لله تعالى فالمسيح كان يصلي كما في متى (إص26/عدد36) وكان يصوم كما في متى (إص4/عدد4)، وكان يدعو الله سبحانه وهذا في مواضع كثيرة، وهذا يدل على أنه كان مكلف بالعبادة والإله يُعبَد ولا يكلف بالعبادة، ومنها المواضع التي يصرح فيها بأنه نبي وأن الله أرسله وغير ذلك ، وهذه الأدلة تحتاج إلى جمع وتصنيف لكثرتها وتنوعها.

     هذا آخر ما أردنا تسطيره في هذه المقالة ، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تم قراءة المقال 4279 مرة