الدرس الثاني والعشرين (22): عبادة الخوف
من العبادات القلبية الواجب إخلاصها لله تعالى عبادة الخوف من الله تعالى والخوف هو الذعر لتوقع الهلاك والضرر. وخوف العبادة هو بالمقرون بالمحبة والتعظيم، فما لا يقدر عليه إلا الله تعالى لا يخاف إلا من جهته، كما يجب تقدم خوفه سبحانه على خوف غيره
أدلة إيجاب إفراد الله تعالى بالخوف
1- قال تعالى: ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175)، وقال سبحانه: ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات:40-41).
2-ومن الخوف الرهبة، وهي الخوف المثمر للهرب، قال تعالى: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (البقرة:40) ولا مفر من الله إلا إليه.
3-ومنه الوجل، وهو الخوف الموجب لرجفان القلب، قال سبحانه: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون:60).
4-ومنه الخشية، وهي الخوف الناتج عن معرفة، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر:28).
5-ومنه الإشفاق وهو خوف مع رقة ورحمة بمن يخاف عليه، قال تعالى: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) (الطور:26-27).
أسباب تحصيل الخوف وتقويته
1-تذكر صفات الجبروت والعظمة التي يتصف بها الله سبحانه، فالعلم بالله تعالى موجب للخشية قال صلى الله عليه وسلم:« فَوَاللهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» متفق عليه .
2-تذكر أحوال الآخرة وأهوال الساعة ، قَال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ» متفق عليه .
3-تذكر الذنوب وعقوبات أهلها في القبر وفي النار ، وتدبر قوله تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان:23) وهي الأعمال التي كانت لغير الله أو على غير أمره وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
4-التأمل في عقوبات الله الدنيوية ، قال تعالى : (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً ) (الإسراء:59).
لوازم حصول الخوف في القلوب
1-عدم خوف الجن أو الأولياء الموتى -خوف السر- فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، لأن ذلك شرك صريح.
2-عدم تقديم خوف الناس (هو خوف طبيعي ) على خوف الله تعالى فيعصي الله تعالى طاعة للناس ، قال الله تعالى: ( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة) (النساء:77).
3-عدم الاستهانة بالشرع وتبديله، قال تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ) (المائدة:44).
4-الإحجام عن المعاصي، قال تعالى: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (الأنعام:15)، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله:« ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله» متفق عليه.
5-استعظام الذنوب قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ» رواه أحمد وصححه الألباني.
6-المسارعة إلى التوبة والإكثار من الطاعات، قال تعالى: ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذاريات:50).
7-عدم الأمن من مكر الله تعالى ، فالطائع يخاف أيضا أن لا يتقبل عمله ويخاف من سوء الخاتمة، وسؤال المولى عز وجل التثبيت على الدين.