الخميس 7 محرم 1444

23-عبادة الرجاء

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)
الدرس الثالث والعشرين (23): عبادة الرجاء
من العبادات القلبية الواجب على كل مسلم تحصيلها عبادة الرجاء، وهي الثقة بجود الرب سبحانه والطمع فيما عنده والتعلق برحمته والاستبشار بفضله. ومعنى الرغبة قريب منها فالرجاء طمع والرغبة طلب فهي ثمرة الرجاء فإن من رجا شيئا طلبه.
أدلة إيجاب إفراد الله تعالى بالرجاء
1-قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) (الإسراء:57).
2-وقال سبحانه : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) (الأنبياء:90).
3-وقال صلى الله عليه وسلم :« لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه » رواه مسلم .
أسباب تحصيل الرجاء
1-تذكر صفات المولى عز وجل الدالة على غناه وعفوه، مثل التواب والرحيم والغفور والرزاق والغني والكريم والوهاب؛ فعلى قدر العلم بها يكون الرجاء، قال تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9).
2-تذكر النعيم الأخروي، قال تعالى : (وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ) (المائدة:84).
3-قراءة آيات وأحاديث الترغيب في الأعمال الصالحة، وما يذكر فيها من ثواب لفاعليها ومن ثناء على أهلها.
لوازم حصول الرجاء
1-عدم الطمع إلا فيما عند الله تعالى والزهد فيما في أيدي الناس .
2-التقوى على الطاعة والثبات عليها، قال تعالى : ( وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:104).
3-دعاء الله تعالى وتوحيده في ذلك، قال تعالى: (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف:56)، وقال تعالى فيما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم :« يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي» رواه الترمذي.
4-عدم اليأس والقنوط من رحمة الله، قال تعالى: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87)، وقال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (الزمر:53).
الفرق بين الرجاء والتمني قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/37):« والفرق بينه وبين التمني أن التمني يكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، فالأول كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها ويأخذ زرعها ، والثاني كحال من يشق أرضه ويفلحها ويبذرها ويرجوا طلوع الزرع ، ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل ».
الموازنة بين الخوف والرجاء : قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/513):« القلب في سيره إلى الله تعالى بمنزلة الطائر فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر ، لكن السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء ، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف ».
 
 
تم قراءة المقال 213 مرة